ندوة وفاء عن الأستاذ محمد الشارخ.. “صخر” التقنية العربي
افتتح الدكتور هشام القاضي ندوة الوفاء عن فقيد...
الأستاذ الدكتور محمد الهدلق .. سيرة ومواقف وشهادات
بمشاركة نخبة من الرواد والمثقفين والأكاديميين...
المسلّم يتحدث عن مشروع الجينوم في دارة العرب
أوضح الأستاذ الدكتور إبراهيم بن صقر المسلّم أن...
البازعي يشدد على ضرورة معالجة أزمة الإنسانيات
أوضح الأستاذ الدكتور سعد البازعي بأن أزمة...
ريادة الشيخ حمد الجاسر في مجال ترجمة كتب المستشرقين
أوضحت د. ديمة الحارثي، أستاذ الترجمة المساعد في جامعة القصيم، في مستهل محاضرتها أن كتب المستشرقين في رسالتها يشمل أي كتاب كتبه غربيٌّ عن المملكة سواء كان ما كُتب هو أدب رحلة أو تقرير سياسي أو دراسة علميّة، وتشمل جميع ما كُتب عن المملكة منذ تأسيسها إلى تاريخنا الحاضر، وهو يتوافق مع ما قسّمه إدوارد سعيد عن المستشرق، وتناولت في محاضرتها حصرًا دور الشيخ حمد الجاسر لريادته في تأسيس مجال ترجمة كتب المستشرقين عن المملكة والمؤثرين فيه تأثيرًا واضحًا، وقسّمت محاضرتها إلى محاور رئيسية تتناول المراحل التي مرّ بها الشيخ حمد الجاسر في مجال ترجمة كتب المستشرقين، وتناولت ثلاثة محاور، الأول: “الجاسر مؤسسًا للمجال، والثاني سبب عزوف الجاسر عن نشر التراجم بعد ذلك، والثالث: الجاسر ناقدًا ومراجعًا للمجال”.
جاء ذلك في محاضرة قدمتها بدارة العرب بعنوان “ريادة الشيخ حمد الجاسر في مجال ترجمة كتب المستشرقين عن المملكة: قراءة اجتماعية ثقافية” وأدارتها عضو هيئة التدريس في جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز د. مريم العتيبي، ضحى السبت 11 ربيع الآخر 1444هـ الواقع في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022م.
وقبل الحديث عن المحور الأول “الجاسر مؤسسًا لترجمة كتب المستشرقين عن المملكة” أشارت إلى أن هدف السعوديين في ترجمة هذه الكتب والذي أوضحه الشيخ حمد الجاسر بقوله: الواقع أن للغربيين من الدراسات عن جميع أحوالنا ما نحن في أشد الحاجة إلى أن نفهم عنها ما يمكننا من الاستفادة مما يُستفاد منه ومن إيضاح ما فيه من أخطاء ومن التمكّن من الحكم عليه حكمًا مبنيًا على أسس ثابتة من المعرفة وليس من شك أن كثيرًا من تلك الكتابات لا تهدف في غايتها إلى الوصول إلى حقائق علمية، وإنما قامت على بواعث وغايات لا تتفق مع غاياتنا ولا تصور حقيقة أحوالنا ومن تلك الكتابات ما لا يصح أن يُنظر إليه هذه النظرة، ففيه توخٍ للوصول إلى الحقيقة وفيه تحرًّ للصواب وتجرّد مما لا يهدف إلى ذلك، وهذا ما نحن بحاجة إلى معرفته للاستفادة منه، لا سيما وأنّ لبعضهم من فضل السبق في دراسة جوانب من حياتنا في الآثار وفي الحياة الاجتماعية مما نحن بحاجة إلى الاستفادة منه والحق ضالة المؤمن” جاء ذلك في تقديمه على عنوان “الغربيون والدعوة الإصلاحية” ترجمة الدكتورالوليعي تحت عنوان “الحركة الوهابية في عيون الرحالة الأجانب”.
وقالت: إن المرصد السعودي للترجمة أشار إلى أن ما بين إعلان الدولة رسميًا عام 1932م وبين عام 1951م لم تُرصد أي ترجمة في المملكة، ومن عام 1952م إلى 1966م رُصدت ترجمات قليلة ومتفرقة، وأن حركة الترجمة الفعلية بالمملكة بدأت عام 1966م ومن أوائل مجال الترجمة نشأة كان هذا المجال بتأسيس الشيخ حمد الجاسر لدار اليمامة للنشر والتوزيع والترجمة عام 1967م، وقالت أن لترجمة كتب المستشرقين عن المملكة لحظتين افتتاحيتين بيدين سعوديتين وبجهد فردي كانت أولى هاتين اللحظتين تأسيس الشيخ حمد الجاسر لدار اليمامة للنشر والترجمة الذي افتتحه بترجمة كتاب “رحلة إلى بلاد نجد” وهي الترجمة الأولى التي افتتحت المجال ثم توالت بعده عدة طبعات لنفس الترجمة حتى عام 1987م.
ثم تحدثت في محورها الثاني عن أسباب قلّة التراجم التي نشرها الشيخ حمد الجاسر وقالت أن هناك سببين رئيسين لقلة الترجمة عن دار اليمامة وهما أولاً: شح رأس المال الذي أدى إلى انكماش التراجم؛ حيث نشر هذه الترجمة من ماله الخاص في وقت كان يعاني من ضائقة مالية ولم يستطع بسببها إكمال مشروعه الترجمي، ثم لجأ إلى نشر مقتطفات مترجمة في مجلة العرب؛ وأما السبب الثاني فهو أن الشيخ حمد الجاسر عزز ذلك المجال لدى المترجمين العائدين من خارج المملكة وأبرزهم الدكتور عبدالله العثيمين إذ أشاد الشيخ حمد الجاسر في كتابه “رحالة غربيون في بلادنا” بجهود العثيمين المتميزة في هذا المجال؛ ثم بدأ الدكتور العثيمين المرحلة الثانية، التي تمثلت في ترجمته “مواد لتاريخ الوهابيين” عام 1985م، ولحقه من بعد ذلك زملاؤه الأكاديميون بهيئة أفراد ومؤسسات.
ثم تحدثت عن المحور الثالث: الشيخ حمد الجاسر ناقدًا ومراجعًا للمجال” إذ كان للشيخ حمد الجاسر لمراجعة ونقد ما يُنشر داخل وخارج المملكة في المجال دورٌ بارز في ديناميكية حيوية الحراك في هذا المجال، حيث اعتبرت في رسالتها الشيخ حمد الجاسر أحد أصحاب وجهة النظر الموثوق بها والمعتمدة، وهم الذين يعززون ممارسات المجال السائدة، وهم المعنيون بحفظ منتجاته الثقافية وتحليلها وتفسيرها وتصنيفها.
وقالت إن كتاب الشيخ حمد الجاسر “رحالة غربيون في بلادنا” الذي نشره عام 1417هـ الموافق 1996م أحد أهم المواضع المهمة التي راجع ونقد فيها الجاسر أكثر من ثمان تراجم من كتب المستشرقين للعربية في المملكة والدول العربية؛ حيث استعانت في رسالتها بالكتاب في ترتيب المترجمين من حيث أهميتهم على التسلسل الهرمي للمجال واعتبرته وثيقة رصد وتقييم وعززت شهادته على المترجمين بدورهم مستشهدةً بأمثلة على تأثير الشيخ حمد الجاسر على النقد والمراجعة في هذا المجال، موضحة أن مكتبة العبيكان أعادت ترجمة كتاب “فيلبي أرض مدين” ونشرته عام 2003م بناء على توصية من الشيخ حمد الجاسر، كما ذُكر ذلك ف مقدّمة الناشر استجابة لدعوته إلى إعادة الترجمة في المملكة.
كما ضمّن الدكتورالوليعي في في طبعته الثانية لترجمته “الحركة الوهابية في عيون الرحالة الأجانب” مقالة الجاسر التي راجع فيها الطبعة الأولى في جريدة الرياض مقدمة للطبعة الثانية كي يستفيد القارئ من مراجعة الجاسر كما أفاد الوليعي.
وفي ختام محاضرتها أشادت بدور الشيخ حمد الجاسر في ريادته لهذا المجال منذ تأسيسه في مراحله المختلفة، ثمّ فُتح المجال للأسئلة التي تفضّلت بالرد عليها والمداخلات التي افتتحها الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المانع مشيدًا بمحاضرتها القيمة وبحثها المتعمق ومقدمًا الملاحظات منها الخلط بين مصطلحي “المستشرقين” و”الرحالة” حيث إن المستشرقين يهتمون بالقرآن والحديث والدين الإسلامي منذ الجاهلية إلى عصرنا الحاضر سلبًا وإيجابًا، وأن هناك رحالة كتبوا عن الجزيرة العربية وهدفهم خدمة بلدانهم الاستعمارية غير هدف المستشرقين، وأن حمد الجاسر ينص في كتبه “رحالة غربيون في بلادنا” ولم يعلّق على كتاب مستشرق بل تحدث عن الرّحالة الغربيين، واقترح استعمال مصطلح “الغربيون” فهو أشمل، وأيّده في توضيح الفرق بين المصطلحين الدكتور عبدالعزيز الهلابي والدكتور عبدالرحمن المديرس والدكتور عبدالله الوليعي وغيرهم، كما أشار آخرون إلى أنه لا مشاحة في الاصطلاح، ثم تفضّلت بالرد والتعقيب، مشيدين بجهودها في البحث وتميزها في النقد والإلقاء.