m

فئة :

2019 Oct 01

شعر مذحج في الجاهلية والإسلام

تحدث الدكتور محمد آل مبارك عن شعر مذحج وشعرائها وما لديهم من جماليّات وخصوصيات حيث إن شعر القبائل يكون في الغالب بعيدًا عن النقاد والدارسين، وبدأ محاضرته بالتعريف بالقبيلة؛ مقدمًا نبذة عن تاريخها وأخبارها فهي قبيلة قحطانية إحدى قبائل كهلان وكان لها شأن كبير عبر التاريخ، جاء ذلك في محاضرة ألقاها في “دارة العرب” بعنوان: “شعر مذحج في الجاهليّة والإسلام” وأدارها الأستاذ الدكتور إبراهيم الشّمسان، ضحى السبت 27 صفر 1441هـ الواقع في 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2019م.

وقال: إن بلاد مذحج تمتد من أطراف عالية نجد الجنوبية بدءًا بالأفلاج مرورًا بتثليث ونجران ثم تمتد إلى سرو مذحج في دثينة أبين وعدن وبيحان والجوف ومأرب والعبر وعسير وبيشة وجنوبي صنعاء وذمار وسرو مذحج في البيضاء وما والى ذلك شرقًا إلى حضرموت وامتدت في الربع جنوبي الشرقي ولم تكن تخشى من امتدادها لكثرة بطونها حيث تشكّل ثلث العرب.

وعن مكانة مذحج الشعرية قال: إن اللغة العربية الفصيحة كانت لغة قبائل مذحج الضاربة في الأجزاء الشمالية من الجزيرة العربية التي كانت مخالطة للقبائل القيسيّة والعدنانية بخلاف القبائل المذحجية الموغلة في أقاصي جنوب اليمن المخالطة لقبائل حِمْيَر وسبأ، لهذا كان نصيب القبائل المذحجية الشمالية من الشعر أكثر من جنوبها، وقال: إن ما يتوفر اليوم من شعر مذحج يصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف بيت لمئة وثلاثة وستين شاعرًا جاهليًا وإسلاميًّا، وهذا يدلّ دلالة واضحة على شاعريّة هذه القبيلة فقد زاحمت بشعرائها نظراءهم من بقية القبائل العربيّة.

وقال: إن من أبرز شعراء مذحج عمرو بن معد يكرب الزبيديّ، ويزيد بن عبدالمدان الحارثي، وقيس بن مكشوح المراديّ، وعبد يغوث الحارثيّ، وعبيدالله بن الحر الجعفي، وفروة بن مسيك المراديّ، ويزيد بن مخرم الحارثيّ، ومالك بن الأشتر النخعي، وجعفر الحارثيّ، والأفوه الأودي، والأسعر الجعفيّ، وعمرو بن سبيت الرهاوي، وأبا شعث الجنبيّ، والنجاشيّ الحارثيّ، وعمرو بن النحاس المراديّ، ومحمد بن حمران الجعفي، وأسلم بن يزيد الحارثي، وغيرهم.

وأشار إلى إن شعر مذحج كان سجلًّا لحياتها وحروبها ومفاخرها وعاداتها وتقاليدها وعلاقاتها بغيرها من القبائل في الجاهليّة وبعد الإسلام، عبّر عن دورها في الفتوحات وعن مواقفها السياسيّة، وقال: إن الناقد في شعر مذحج يجد أنها تدور حول مضامين الفخر والحماسة والحرب في كثير منها، ومعاني المدح والرثاء والهجاء والغزل والوصف والحكمة في القليل منهم، وقال: إن أعظم الفخر في شعر مذحج ما جاء من الفضائل الخلقية والحميدة وتفاخرهم بالكرم؛ حيث كان سادات مذحج ملاذًا ومرجعًا للفقراء والمحتاجين كما شهد لهم أبرز شعراء العرب بذلك كالأعشى الذي كان يغشاهم في نجران؛ مستعرضًا عددًا من الشواهد الشعريّة.

وأشار إلى أن تركيز شعراء مذحج كان على الشجاعة والكرم بشكل واضح سواء فيما يتعلق في وصفهم لمالهم أو خيلهم أو مشاهد استقبالهم الضيف، وأما بعد الإسلام فقد كان يغلب على شعرهم التفاخر بنعمة الإسلام ومناصرتهم له وقيامهم بشعائره وتفاخرهم بتحوّلهم من الشرك إلى الإسلام.

وقال: إن شعراء مذحج من القلة القليلة الذين وصفوا صحراء الربع الخالي التي كانت تعرف بـ”مفازة صهيد” كما وصفوا الخيل وصفًا دقيقًا قلما نجد مثله عند غيرهم من الشعراء، ولوحظ قلة شعر المدح في شعراء مذحج لاعتزازهم بأنفسهم.

كما استعرض أبياتًا لعمرو بن معد يكرب الزبيديّ وهو يتفاخر بالفتوحات ومناصرة الإسلام وشعر الحماسة ووصفه للمعارك وحضور الغزل في شعره حتى في وسط اشتداد المعارك.

واختتم محاضرته بالحديث عن مكانة شعر مذحج وآراء النقاد فيه؛ موضحًا بأنهم لم يحظوا في السابق بتناول النقاد القدامى؛ لأن شعرهم كان يبرز في كتب التاريخ والسير والتراجم والبلدان وهذه مصادر يندر تناول النقّاد لها مثل الدواوين والاختيارات، وذكر أن هناك عددًا من شعراء مذحج المشهورين حظوا بتناول النقاد كما يروي الزبير بن بكار في الموفقيات.

جدير بالذكر يقدم الأستاذ سليمان الحربش في “دارة العرب” ضحى السبت القادم 5 ربيع الأول 1441هـ الواقع في 2 تشرين الثانيّ (نوفمبر) 2019م محاضرة بعنوان: “تجربة سعوديّ في إدارة منظّمة دوليّة”.