m

فئة :

2012 Oct 11

حماية الأطفال من سوء المعاملة في المملكة

قدّم الدكتور محمد السيف عضو هيئة حقوق الإنسان تصوراً شاملاً عن أنماط العنف الذي يمكن أن يمارسه الآباء والمعلمون أو من يتعامل مع الطفل بدون قصد، مما قد يعرض الطفل للكثير من المخاطر الصحية والنفسية والاجتماعية، منوهًا إلى ضرورة تفعيل دور الأسرة في بناء أي مجتمع باعتبارها الخلية الأولى التي يترعرع الفرد داخلها ويتعلم من خلالها معايير وقيم المجتمع الأكبر، كما يجب مشاركة المجتمع والمؤسسات الاجتماعية للقيام بحماية الطفل مما يواجهه من عنف في ظل اختلال دور الأسرة أو تصدعها، جاء ذلك في محاضرة قدّمها في خميسية حمد الجاسر الثقافية يوم الخميس 25 ذو القعدة 1433هـ، الموافق 11 أكتوبر 2012م، أدارها سعادة الدكتور عبدالله الحيدري وشارك فيها عدد من المثقفين والمثقفات.

وقد افتتح المحاضرة الدكتور محمد السيف بسرد أنماط العنف تجاه الأطفال من الإساءات الجسدية، والصحية، والجنسية، والانفعالية كالازدراء وهو نوع من التصرف يجمع بين الرفض والذل، تتمثل في رفض الوالدين مساعدة الطفل، أو مناداته بأسماء وصفات تحط من قدره، والتهديد بالإيذاء الجسدي للطفل أو التخلي عنه إذا لم يسلك سلوكًا معينًا، أو إنزال العقوبات بأنواعها المختلفة عليه، وعزل الطفل عمن يحبهم لفترات طويلة، مشيراً إلى خطورة ما يواجهه الطفل من الاستغلال والفساد من قبل بعض العصابات وتشجيعه على الانحراف مثل تعليمه سلوكًا إجراميًا أو تركه مع خادم أو تشجيعه على الهروب من المدرسة أو الاشتراك في أعمال جنسية أو البيع والتسول في الشارع، وغيرها من الإساءات التي ينجم عنها ردود أفعال سلبية على الطفل والمجتمع.

ثم فتح المجال للمشاركات التي افتتحها الدكتور إبراهيم الشدي وكيل وزارة التربية سابقًا كشف عن وجود نظام في مجلس الوزراء لحماية الأطفال من العنف الأسري مشيدًا بجهود مجلس الشورى، ومؤسسات حقوق الإنسان، ومجلس الشورى في هذا الجانب.

ثم تحدثت الدكتورة جوهرة النهاري التي أشارت بدورها إلى ضرورة تفعيل دور الأسرة في الاهتمام بالطفل باعتبارها الأساس والمعنية بذلك قبل المجتمع، منوهة إلى خطورة ترك الأطفال للعاملات في تربيتهم لاختلاف الثقافات في حين يحتاج الطفل إلى رعاية خاصة من قبل الوالدين أو مرشدين مختصين في هذا الجانب.

وطالبت الأستاذة سهام المعمر مشرفة الفرع النسوي في هيئة حقوق الإنسان في مشاركتها بإنشاء حضانات متخصصة في كل حي وكل مؤسسة مشيرةً إلى أن الحديث عن حماية الطفل من سوء العمل حديث ذو شجون وأننا جميعاً معنيون في الاهتمام بأطفالنا وأن مثل هذه المواضيع بمثابة جرس تنبيه لبدء تنفيذ المهام الموكلة إلينا تجاههم، منوهة إلى أن إلقاء اللوم على المرأة في سوء التعامل مع الطفل يضاعف من المشكلة وهي إساءة أخرى فللمرأة كثير من الالتزامات والأعباء، فهي لا تمتلك العصى السحرية للقيام بكل تلك المهام المناطة بالأسرة كوحدة متكاملة.

وأشار الدكتور عدنان الربيعة وكيل وزارة الصحة بأن هناك جهود كثيرة في الاهتمام بحقوق الطفل وحمايته من سوء المعاملة ولكنها للأسف الشديد مشتتة، واستعرض عدداً من الأمثلة للمؤسسات الناجحة في رعاية حقوق الطفل وحمايته من الإساءة مثل المؤسسات والمنظمات الألمانية التي تولي اهتماماً خاصًا بالطفل باعتبار الحفاظ على حقوقه وحمايته يعد حفاظاً على تماسك المجتمع.

ثم استعرضت الدكتورة موضي الزهراني مشرفة لجنة الحماية الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية حالات العنف الأسري وقدّمت نبذة مختصرة عن إنشاء لجان لحماية الأطفال والتي وصلت إلى (17) لجنة مشتركةً في تأسيسها وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية والصحة والتربية، وأشارت إلى الصعوبات التي واجهتها اللجان في بداية عملها ابتدءًا من رفض رجال الأمن بالسماح لهم بالتدخل السريع إذ يرى رجال الأمن كغيرهم من فئات المجتمع أن الأب أولى من كل الناس بالتربية ولا يحق لغيره التدخل في ذلك، ولكن تحسن الوضع حالياً نتيجة لحملات التوعية والتثقيف وضرورة استشعار المسؤولية بأهمية ذلك لدى المجتمع والفئات التي تسهم في إنجاح مهمة لجان حماية الطفل مثل رجال الأمن والمدرسة والجهات ذات العلاقة. وشددت على ضرورة إنشاء محاكم متخصصة نظراً لعدم اهتمام القضاة بالقضايا التي تصل إلى المحكمة وذلك نتيجة لعدم تقبلهم أو واستشعارتهم لأهمية ذلك، منوهة إلى ضرورة وجود تدريب وتوعية لجميع تلك الفئات في المدارس ووزارة العدل وغيرها من المؤسسات الأمنية، مشيرة إلى أن أبرز المشاكل التي كانت تصل إلى اللجان هي من أبناء المطلقات مما دفع اللجان إلى إنشاء جمعية مودة للحد من الطلاق.

وأشارت الدكتورة حصة السيف إلى ضرورة الترويح على المرأة والتخفيف من أعبائها ولعل أسباب كثرة تلك الإساءات هي وصول المرأة إلى بيتها بعد عودتها من العمل منهكة مما يؤثر سلباً على تربية الأطفال، مشددة على ضرورة التفاعل بين الهيئات وتفعيل الخطط التي أنشئت لهذا الغرض.