m

فئة :

2019 Dec 07

جرير الخَطَفى في مجلس حمد الجاسر

قدّم الأستاذ الدكتور عبدالّلطيف الحميد نبذة تعريفية عن الشّاعر جرير الخَطَفى وحياته الشّعرية، والبدايات الأولى لحياته هو وأسرته والموقع الجغرافي لمنطقته التي نشأ فيها، ورحلاته إلى البصرة ودمشق وشاعريته العالية إبّان العصر الأموي، جاء ذلك في محاضرةٍ بعنوان: جرير الخَطَفى: مقاربة تاريخيّة”، أدارها د.عبدالعزيز الخراشيّ، في مجلس حمد الجاسر ضحى السبت 10 ربيع الآخر 1441هـ الواقع في 7 كانون الأوّل (ديسمبر) 2019م.

وافتتح الدكتور عبدالّلطيف الحميد محاضرته بالحديث عن الدار التي أسّسها في شقراء باسم دار تراث الوشم المعنيّة بتاريخ المملكة العربية السعودية وتاريخ إقليم الوشم على وجه الخصوص، ومن بين أجنحتها جناح خاص بأثيثية، وهذا الجناح يهتم برموز بلدة أثيثية ورموز إقليم الوشم من الرواد القدامى والحديثين؛ شاكرًا كل من سانده وتعاون معه وسهل له رحلة البحث والتتبع التاريخية والأدبية في المنطقة لتتبع خطى وآثار ومواقع جرير وأسرته.

وقد ذكر المحاضر أن الجغرافيين أشاروا بالنص إلى أن جريرًا ينتمي وأسرته إلى بلدة “أثيثيا” وقدم المحاضر نبذة تعريفية بالشاعر جرير بن عطية بن حذيفة الخَطَفَى، وعدّه أحد أضلاع المثلث الأموي الشهير (جرير – الفرزدق – الأخطل) وقال: على الرغم من وجود عشرات الشعراء في العصر الأمويّ ولكن هؤلاء هم الرموز الذين شكّلوا المثلث الشعريّ الأموي الشهير.

ثم تحدّث عن نسب الشاعر جرير ومولده سنة 28 للهجرة زمن خلافة سيدنا عثمان بن عفان في ناحية من نواحي “إقليم اليمامة” وهي بلدة “أثيفيا” قديمًا “أثيثيا” حاليًا من بلاد “الوشم”؛ مستعرضًا مراحل حياته التي بدأها برعي الغنم في “وادي المروت” وذكر أنّ أهله فقراء يقولون الشعر ويهاجون شعراء قومهم، وجدّه “الخطفى” من الأغنياء كان يجود على جرير حين ذاك، وقال: إن والده “عطيّة” كان مُعدمًا فقيرًا وجدّه “الخطفى حذيفة” كان شاعرًا مُجيدًا ورجّازًا قويًا وثريًا ذا مال، وذكر إخوانه وبنيه ومن نسله وأحفاده من الشعراء وقال: إنّه عاش في بيئة شعريّة.

واستعرض بالصور منطقة “القاع” الخضراء والمراعي الطبيعية القريبة لأثيثية، تهاجَى فيها جرير مع ابن عمه غسّان؛ فأعان البعيث غسّان، وأعان الفرزدق البعيث من بني مجاشع قوم الفرزدق من تميم، وتحوّلت معارك الهجاء بين جرير والفرزدق، وبعد مضي عشر سنوات على المهاجاة وجرير مقيم باليمامة والفرزدق بالبصرة ارتحل جرير إلى البصرة فأقام في المربد بضع سنين وهنا اشتدت الحرب، وزهت مكانة الشعر بعد وصول جرير إلى البصرة.

وذكر أن جريرًا اتصل بالأمراء كبشر بن مروان والحجاج في العراق الذي أمضى معه قرابة عشرين سنة ثم اتصل بالخلفاء في دمشق ودخل الأخطل على خط المعركة.

ورجح أن عدد المهاجين لجرير قد بلغوا 40 شاعرًا أخمدهم واحدًا واحدًا، وظل جرير والفرزدق والأخطل أبطال تلك المرحلة مشيرًا إلى أن المصادر التي ذكرت وصولهم إلى 80 شاعرًا مبالغٌ فيه.

وقال: إن أول وفادات جرير على الخلفاء كانت في سن الثالثة والثلاثين من عمره، وتقابل مع الأخطل في حضرة عبدالملك بن مروان مرارًا، وذكر رحلاته من اليمامة إلى دمشق والبصرة.

وقال: إن جريرًا لم يبرز في الهجاء وحسب، بل أبدع وتميز في مختلف أغراض الشعر من الغزل والفخر والهجاء والمدح مستشهدًا بأربعة أبيات من أبرز ما قاله جرير قال: إنها لو وُضعت في كفة والشعر في كفة لرجحتها تلك الأبيات.

وأشار المحاضر إلى أن الشعراء كانوا بمنزلة وزراء إعلام في حضرة الخلفاء في كل حين وقال: إن عمر بن عبدالعزيز تقبل جريرًا لحسن سمعته في التقوى والورع ثم وفادته على يزيد.

ثم تطرّق على بلدة أثيثية موطن الشاعر جرير مستعرضًا ما ذكره الهمداني وياقوت وغيرهم من المؤرخين والباحثين في كتبهم عن البلدة وموقعها الجغرافيّ وما تحويه البلدة، مستعرضًا بالصور أبرز المواقع فيها.

واختتم المحاضرة بذكر إقليم الوشم في شعر جرير حيث ورد في كتب البلدان وأهمها معجم البلدان لياقوت ومعجم ما استعجم للبكري أكثر من 1000 بيت من شعر جرير، ولو دُرّست المواضع التي ذكرها جرير لربما شكلت استنطاقًا للمواضع الجغرافيّة حيث ذكر جرير في شعره عشرات المواضع من الجزيرة العربيّة. واكتفى المحاضر بذكر مواضع في الوشم واليمامة، واستعرض أبياتًا من شعره عن الوشم يذكر فيها الأماكن وقال: إنها لم تكن كما هي اليوم جافّة بل كانت هذه البلدان خضراء وأودية، وبعضها يجري فيها الأنهار إلا أن المشكلات والحروب التي كانت فيها جعلت أهل اليمامة يتطلعون للسفر منها.

ثم فُتح المجال للمداخلات التي أثرت الموضوع والأسئلة التي تفضّل بالرد عليها عقب المحاضرة.

جدير بالذكر يخصّص مركز حمد الجاسر الثقافي بمناسبة اليوم العالميّ للغة العربيّة الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر كل عام محاضرةً تحمل شعار هذا العام: “اللغة العربيّة والذكاء الاصطناعيّ” يقدّمها: د.عبدالرّحمن العصيميّ في مجلس حمد الجاسر ضحى السبت القادم 17 ربيع الآخر 1441هـ الواقع في 14 كانون الأوّل “ديسمبر” 2019م