m

فئة :

2012 Mar 01

تجربتي بين القصة والرواية

افتتح الأديب والروائي العالمي الأستاذ يوسف المحيميد محاضرته التي ألقاها في خميسية حمد الجاسر بالثناء على الخميسية والقائمين عليها وروَّادها الأفاضل، وأعرب عن شعوره المختلط بالسعادة ومهابة المكان للقيمة الكبيرة للشيخ الجاسر، تمامًا كالشعور الذي داهمه قبيل دخوله قاعات محاضرات جامعة هارفارد. ثم تحدَّث عن بداياته الأدبية وكيف تجاوز الصعوبات التي واجهته في بداية مشواره الأدبي, والدوافع التي جعلته ينشر أغلب أعماله خارج المملكة ويحصد العديد من الجوائز العالمية، وذلك في المحاضرة التي ألقاها في الخميسية بعنوان “تجربتي بين القصَّة والرواية” في يوم الخميس 8 ربيع الآخر 1433هـ الموافق 1 مارس 2012م، وقد أدار المحاضرة سعادة الدكتور محمد الهدلق أستاذ الأدب العربي في جامعة الملك سعود.

ثم تحدَّث الـمُحاضر عن بداياته ودور والدته في تأهيله سرديًّا، منذ حكاية البنات اللواتي تركهنَّ أبوهنَّ في الصحراء، وكيف كان يستمع للحكاية في الثالثة من عمره ويتفاعل معها إلى درجة البكاء؛ الأمر الذي جعل والدته تكفُّ عن سرد القصص الحزينة، ثم بدأ بقراءة الزير سالم والغدر الذي تسبَّب في مقتل كليب وحزن اليمامة عليه. وذكر تحوُّل أخته إلى حكواتية تقرأ كل ليلة صفحاتٍ من سيرة عنترة العبسي، وكيف كان يتمارض لكي تجلب له أخته الجوهرة كتابًا مستعملاً من المكتبة العربية في شارع الشميسي، فقرأ “أوليفر تويست” لـ”ديكنز”، و”بائعة الخبز” لـ”دو مونتبان”، موضِّحًا أنَّ الحاجة تخلق الموهبة وليس العكس.

ثم تحدَّث عن بداية تعلُّمه لرسم القصص، وكيف تطوَّر مع الرسم حتى نال جائزة من كوريا الجنوبية عن لوحة “يوم الأم”, ودخوله مرحلة الرسم بالزيت ورسم (البورتريهات) بشكل محترف، حتى كفَّ عن ذلك بطلبٍ من أمه، ثم كافأته بآلة كاتبة يدوية كانت لها أثرها الإيجابي في نفسه، إذ بدأ من المرحلة المتوسطة بكتابة مجموعةٍ من السِّيَر الشعبية على هذه الآلة، وكانت أول قصة له بعنوان “سلاح اليأس” في المرحلة الثانوية، وقد قام بنشرها في الملحق الثقافي بجريدة الرياض باسمٍ مستعار، ثم كرَّس جهوده في الكتابة حتى صدرت له أول مجموعة قصصية بعنوان “ظهيرة لا مشاة لها” بجهدٍ ذاتيٍّ منه، طبعها بمطابع الشريف بشارع الظهران بالملز، وعبَّر عن مدى سعادته بصدور أول مجموعةٍ له لكن ما لبثت أن تبدَّدت هذه الفرحة باستدعاء وزارة الثقافة والإعلام له لوجود ملاحظاتٍ حول هذه المجموعة؛ الأمر الذي اضطرَّه إلى النشر في الخارج هروبًا من الرقابة التي تكبِتُ الإبداع، فاختار دار (شرقيات) لنشر مجموعته “رجفة أثوابهم البيض”, لكنَّ الرقيب هذه المرة كان الناشر الذي استبعد قصَّتين كانتا عن القاهرة.

وأشار في محاضرته إلى مدى تأثُّره بالشعر النثري الذي يصوِّر المشهد كاملاً، فبدأ بكتابة السرد بنَفَسٍ شعري، وذلك في مجموعته “لابد أنَّ أحدًا حرَّك الكراسة” التي صدرت عام 1996م، ثم كتب قصصًا كثيرةً نشرها في الصحف، ونشر روايته الأولى التي كانت بعنوان “لغط موتى” التي لم ينشرها إلا بعد خمسة أعوام من كتابتها لأنه انصرف إلى النثر الشعري والتصوير الفوتوغرافي.

وفي ختام محاضرته تحدَّث عن اهتمامه بفكرة المعمار الروائي السهل من شخصياتٍ نلمسها ونبكي معها بعيدًا عن معمار معقَّد, فجاءت رواية “الحمام لا يطير في بريدة” التي نال بها جائزة أبي القاسم الشابي والتي ستصدر بنسختها الإنجليزية في يناير القادم.