m

فئة :

2011 Dec 29

تأبين الأديب عبدالكريم الجهيمان رحمه الله

أقامت خميسية حمد الجاسر الثقافية ندوة تأبين للأديب الراحل عبدالكريم الجهيمان،رحمه الله، الذي توفّي عن عمر يناهز 100 عام، مليئة بالعطاء المتميز، إذ دوَّن بقلمه تراثًا ضخمًا سيظل في ذاكرة الأجيال، وقدَّم قيمةً ثقافيًّة استوعبت شمولية الدور الثقافي بمختلف جوانبه الأدبية، وسيبقى الجهيمان علمًا بما أبدعه كاتبًا ومؤلفًا وناقدًا وجامعًا ومدوّنًا للتراثِ العربي شعره ونثره.

وقد شارك في الندوة التي أقيمت يوم الخميس 4 صفر 1433هـ الموافق 29 ديسمبر 2011م، كلٌ من سعادة الأستاذ سعد البواردي الذي قدّم قصيدة رثاء أبرز فيها مراحل حياته ورحلاته وسماته التي تميز بها بين وأنشطته ومشاركاته واهتماماته، ومدى اعتزازه بصداقته، وقيمة الفكر والعلم الذي ورّثه الأديب الراحل. تلاها مشاركة الأستاذ عدنان العوامي، الذي تحدَّث عن أنشطة الأديب الراحل وبصماته التي تركها في المنطقة الشرقية حيث وصفه بالطود الشامخ بين جهابذة ومفكري الشرقية وركَّز في ورقته على جهود الراحل الصحفية التي بدأها بإنشاء جريدة (أخبار الظهران) وهي أول صحيفة تصدر من المنطقة الشرقية.

ثم تحدّث الأستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي الذي قدَّم نبذة مختصرة لسيرته الذاتية بدأها بمولده، فقد وُلِدَ في بلدة غِسْلَة 1912م بالقرائن وتدعى (ذات غِسْلْ قديماً)، و تلقَّى تعليمه الأول لدى الكتاتيب في بلدته غِسْلَة، ثم انتقل عام 1925م إلى الرياض ودرس لدى مشايخ المساجد لعام واحد، ثم غادر في 1926م إلى الحجاز وتحديدًا إلى مكة حيث التحق بسلاح الهجَّانة في العام ذاته، ومكث فيه مدة عام ثم انتقل للدراسة في المعهد العلمي السعودي وبعد ثلاث سنوات تخرج من المعهد وانتدب لإنشاء المدرسة النموذجية الأولى في مدينة السيح بمنطقة الخرج وذلك عام 1930م.

وأشار إلى أن الجهيمان اشتهر بموسوعته عن الأساطير الشعبية كما ألف كتبًا عديدة منها (رحلة مع الشمس) يحكي فيه فصول رحلته العالمية حيث غادر من الشرق وعاد من الغرب، كما ألَّف كتابًا بعنوان (ذكريات باريس) يتحدث فيه عن مدينة باريس التي أمضى فيها قرابة الستة أشهر مطلع الستينيات الميلادية. وله موسوعة الأمثال الشعبية: التي تتكون من عشرة أجزاء، وله دواوين مثل (أين الطريق) و(خفقات قلب). وله كتاب بعنوان (رسائل لها تاريخ)، وكتاب (دخان ولهب) وهو عبارة عن مجموعة مقالات نشرها في عدد من الصحف السعودية منها جريدة الظهران.

وأوضح أن الجهيمان انتقل إلى محافظة الخرج في 1362هـ وتولى إدارة المدرسة وفي عام 1363 توجَّه إلى الرياض ليقوم بالتدريس في مدرسة أنجال ولي العهد وبقي فيها فترة قصيرة. وعن جريدته الأولى التي أنشأها تحت اسم “جريدة أخبار الظهران” وقد استمرت بالصدور في المنطقة الشرقية إلى أن صدر نظام المؤسسات الصحفية فتوقفت وصدرت بدلاً منها صحيفة اليوم. ويحفظ التاريخ للجهيمان أنه من خلال تلك الجريدة كان من أوائل من دعا إلى تعليم المرأة من خلال نشر بعض المقالات فيها في وقت لم تكن فيه أي مدارس لتعليم البنات.

وقد تم تكريم الأديب الراحل في مهرجان الجنادرية 1421هـ تقديراً لمساهماته وعطاءاته خلال مسيرة تسعين عاماً قضاها مجاهداً في ساحة الكلمة والحرف. واستحق الجهيمان ذلك لكونه الناقد الأول لكثير من الظواهر السلبية في مجتمعه، لاسيما ما يمسّ أداء القطاعات الحكومية؛ كان هذا النقد منذُ زمنٍ مبكر من نهضة هذه البلاد، إذ نشر نقده تحت عنوان “المعتدل والمايل” في صحيفة أخبار القصيم، قبل عقودٍ أربعة. وتُعد الإضافة العلمية التي قدمها الرائد الجهيمان هي مؤلفاته في حقل الدراسات الشعبية، فقد ألف أسفاراً رائدة في الأمثال والأساطير الشعبية حتى لقب بالوسط الثقافي السعودي بـ”سادن الأساطير والأمثال” إذ تُعدُّ مساهمته هذه عملاً توثيقياً رائداً وحفراً أركيولوجياً في دواليب الثقافة الشعبية السعودية ويظل الجهيمان رائدًا فريدًا في حفظ الموروث الشعبي للجزيرة العربية.