m

فئة :

2019 Sep 21

بمناسبة اليوم الوطني 89: د. عبدالعزيز الثنيّان يستعرض تاريخنا الوطني في دارة العرب

عرض الدكتور عبدالعزيز الثنيان محاضرته في عدة وقفات ابتداءً من الراية التاريخية التي رفعها مانع المريدي المؤسس الأول لإمارة الدرعية عام 850هـ وتعاقب على حملها وحمايتها أبناؤه وأحفاده من بعده، ثم بيعة الدرعية بين الإماميين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله التي كانت في عام 1157هـ حيث تحولت بعدها إمارة الدرعية لتصبح دولة جديدة في بلاد العرب لها شأنٌ ومهابة، واتسعت رقعتها وشملت أغلب الجزيرة العربية ووصل صداها العالم الإسلامي؛ مركزًا على الدور الريادي للملك عبدالعزيز رحمه الله وأبنائه من بعده في تأسيس هذا الوطن ولمّ شمله بعد شتات وتمزق، وأبان حجم التضحيات الجسام التي قدمها الأجداد لتوحيد هذا البلد، وكيف استطاعوا تأسيس نهضة حضارية، لها مكانتها اليوم في العالم؛ جاء ذلك في محاضرة ألقاها في دارة العرب بعنوان: “قراءة في تاريخنا الوطني”، وأدارها د.عبدالعزيز الخراشيّ ضحى السبت 22 محرّم 1441هـ الواقع في 21 أيلول (سبتمبر) 2019م.

وأكد أن مهر الوحدة واجتماع الكلمة لم يكن سهلًا، وأن النعمة التي نعيشها اليوم في ظل توحيد البلاد جاءت بعد أن شرب أجدادنا الحنظل، وأكلوا المر والصبر لتحقيقها؛ داعيًا إلى ضرورة الحفاظ عليها؛ مستعرضًا نتائج الحروب التي كانت تندلع قبل التوحيد، والتضحيات التي بذلت لنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم من عزة وازدهار وحضارة في ظل وحدتنا.

وأوضح أن بيعة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود عام 1157هـ كانت أشبه ببيعة الأنصار لرسول لله -صلى الله عليه وسلم- وكان حلفًا قويًا تشكل بين الدين والحكم، بين العلم والسيف وما وصفه بالقوة الناعمة والقوة الصلبة؛ حيث أصبحت هذه البيعة ركنًا أساسًا من أركان الدولة السعودية إلى اليوم بحيث تلتزم بتأسيسها على الدين الصحيح وهذا ما ميز الدولة السعودية عن غيرها، بحيث لم تقم على إيديولوجية فكرية أو عصبية قبلية أو إقليمية، وإنما قامت على أساس راية التوحيد التي يلتف حولها الجميع من أسر وقبائل وحاضرة وبادية.

ثم تحدث عن نهج الدولة السعودية وجهودها في نشر العلم والمعرفة مستعرضًا روايات المؤرخين، وكيف تآمر أعداء الإسلام في الشرق والغرب على الدولة الفتية الصاعدة، وتحالفوا ومكروا؛ فشوهوا صورة الدولة وأطلقوا مصطلح الوهابية المتوحشة في ذلك الوقت، وقال: إنهم أعداء متعددون بالأمس واليوم يتخفون ويكيدون ويدفعون غيرهم لتنفيذ مخططاتهم فجاء السّذج باسم محاربة الوهابية، وبزعم نشر العدل والسماحة، وتجمعت القوى الظالمة فجاء جيش محمد علي باشا والي مصر يزحف على الحرمين (عن طريق ينبع المدينة)، وجيش يوسف باشا، الصدر الأعظم السابق، يزحف من الأستانة إلى المدينة على طريق الشام، وجيش سليمان باشا والي بغداد: يزحف من العراق لمهاجمة الدرعية (مقر الحكم السعودي ذلك الوقت) وجاء مع تلك القوات الغازية لبلادنا الطاهرة مستشارون أجانب، وتحالفوا جميعًا حتى أسقطوا الدولة السعودية الأولى عام 1233هـ، فحل الخراب والدمار ونهب الأموال وسفك الدماء، وصار التنكيل بالعلم ورجاله، ونال الأعداء من الفكر والعلم الذي قامت عليه الدولة، وعاشت بلادنا سبع سنوات عجاف من الضياع والخلافات، وظهر التناحر والخوف وتقاتلت كل بلدة مع جارتها، وكثرت الفتن، ونسي الناس سنوات الرخاء والأمان؛ فغابت الدولة، وسادت الفوضى حتى قيّض الله لبلادنا المؤسس الثاني الإمام تركي بن عبدالله رحمه الله، فقد استطاع أن يجمع العقد المنتثر بعد السبع السنوات العجاف التي ذاق الناس فيها الخوف والجوع، فقد بقيت جذوة الدين، وكان الولاء لآل سعود متجذرًا ولهذا ما إن ظهر الإمام تركي بن عبدالله المؤسس الثاني حتى هبَّ المجتمع يناصره ويأتمروا بأمره؛ فعادت الحياة وأورقت شجرة الدولة من جديد، واتخذ الرياض عام 1240هـ مقرًا للحكم، وعاصمة للدولة السعودية الثانية، وشرع في تنفيذ منهجها الفكري وثوبها الديني وسار ابنه الإمام فيصل على نهجه رحمهما الله ثم عادت المؤامرات على الدولة لتعود التقسيمات القبلية؛ ليسود التمزق من جديد، حتى جاء الملك عبدالعزيز رحمه الله – الذي وحد أجزاءها تحت رايك العدل والمحبة والمؤاخاة.

ثم ركز المحاضر على سيرة الملك عبدالعزيز الذي أعاد للوطن وحدته وفق المنهاج الأساس الذي قامت عليه الدولة السعودية: الدين والقوة ، العلم والسيف، القوة الناعمة والصلبة، وذكر العديد من المواقف التي تظهر فيها حكمته وحنكته وقوته مستعرضًا سيرته ومتأملاً في مواقفه ومعالجته للكثير من الأحداث وما يتمتع به من دهاء وفراسة وكيف كسب الناس وأنهى الخلافات والثارات والأحقاد وجمع شتات الوطن الممزق.

واختتم محاضرته بسرد مقولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، يطالب فيها بالحفاظ على نهج عبدالعزيز الذي نهجه في إنشاء هذه الدولة وجمع كل القبائل وأسس ومن بعده أبناؤه دولة قوية وعظيمة له مكانتها في العالم.

تلا ذلك جملة من المداخلات التي أضاءت جوانب من سيرة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأظهرت ما تزخر به هذه الدولة من إمكانات وقدرات وما تضطلع به من واجبات ومسؤليات.

ثم أهدى المحاضر كتابين من تأليفه للحاضرين، صدر الأول عن دارة الملك عبدالعزيز بعنوان: “إنسانية ملك” يقدم قطافًا مختارة من سيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، مؤسس الملكة العربية السعودية وباني نهضتها الحديثة، ويشير فيه إلى عدد من المواقف الإنسانية للملك المؤسس، كما جاء الكتاب الثاني بعنوان: “بطولة ملك” وصدر عن مكتبة العبيكان يستعرض هذا الكتاب قصة بطولة، وسيرة المؤسّس الملك عبدالعزيز رحمه الله.

جدير بالذكر فقد دعا مدير المحاضرة في الختام إلى حضور ندوة تأبين أحد رجالات الوطن مؤرّخ الإعلام والأعلام: د.عبدالرّحمن بن صالح الشبيليّ، يشارك فيها: د. زياد السّديريّ، ود.عبدالعزيز ابن سلمه، ود.إبراهيم التّركيّ، ويديرها اللواء عبدالقادر كمال في “دارة العرب” ضحى السبت 29 محرّم 1441هـ الواقع في 28 أيلول “نيسان” 2019م.