m

فئة :

2014 Oct 17

القرامطة في شرقي الجزيرة العربية

أوضح الدكتور عبدالعزيز الهلابي -أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة الملك سعود- بأن حركة “القرامطة” كانت من أشهر حركات التمرد على السلطة السياسية المركزية في العصر العباسي حيث نشأت في نهاية القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي في أرياف العراق حيث معظم الناس يشتغلون بالزراعة وما يرتبط بها، ثم انتشرت هذه الفكرة في الشام وشرقي الجزيرة العربية واليمن، ورفع قادة هذه الحركات المناوئة للدولة العباسية الولاء لآل البيت أو التشيع شعاراً لها إما نسبًا ومعتقدًا أو معتقدًا فقط بصورة مختلفة، كما نادت بالعدالة والمساواة بين الناس وتحسين ظروفهم المعيشية لاجتذاب الفئات التي تعاني من الظلم الاجتماعي، جاء ذلك في محاضرة ألقاها في مجلس حمد الجاسر يوم السبت 24 ذو الحجة 1435هـ الموافق 17 أكتوبر 2014م، بعنوان “قرامطة شرقي الجزيرة العربية” وأدار اللقاء سعادة الدكتور عبدالعزيز المانع.

وأشار المحاضر إلى أن القرامطة والفاطميون اتخذوا “الإسماعيلية” لهم معتقدًا، وهو التشيع الذي ينتسب إلى الإمام السابع إسماعيل بن جعفر الصادق في تسلسل أحفاد الإمام علي بن أبي طالب، وقد ذهب بعض المؤرخين إلى عد الحركة الفاطمية والحركة الإسماعيلية ذات نشأة واحدة انفصلتا لاحقا بعد وصول كل واحدة منهما إلى السلطة، ولكن سير الأحداث تدل على أن قرامطة البحرين (شرقي الجزيرة العربية) على الأقل طائفة مستقلة استقلالاً ملحوظاً عن الإسماعيلية، ولهم رؤساء محليون وتقاليد تختلف عما هو معروف عن تقاليد الإسماعيلية، وأن بداية ظهور “القرامطة” يعود إلى سنة 278هـ/891م وهي السنة التي انطلقت فيها أول انتفاضة مسلحة للقرامطة بأرياف (سواد) الكوفة، وأن أول من نشر الدعوة فيها هو يحيى بن المهدي .

وأكد المحاضر بأن دعوة القرامطة اجتذبت كثيرًا من الأتباع من خلفيات متنوعة من حواضر البحرين وبواديها ومن بوادي غيرها. وأن بعضهم -خاصة حرفيي المدن وفقراءها – وجدوا أن الدعوة تلبي لديهم بعض التطلعات مثل تحسين أوضاعهم المعيشية أو رفعة منزلتهم الاجتماعية، أما الأعراب الذين ناصروا الدولة في مراحل معينة فالظاهر أن العلاقة بينهم وبين القرامطة كانت علاقة تحالف أكثر منها علاقة تبعية دينية أو إذعان لهم بالسلطة لكن لتحقيق مصالح مشتركة، وكانت الغاية من التحالف هو كسب الغنائم من خلال الغزو وقطع الطريق وكل طرف يستقوي بالطرف الآخر وقت الحاجة. كما تعرضت أوضاع القرامطة لبعض الاضطراب بسبب تآمرهم على بعضهم مما ولد نزاعات داخلية.

ثم تحدث عن علاقاتهم الخارجية حيث قامت الخلافة العباسية بمساع دبلوماسية تجاه القرامطة، وبعد وفاة أبي طاهر سنة 325هـ / 936م بالجدري ضعف القرامطة وحدثت بينهم انقسامات نتيجة للنزاع على السلطة فقتل أخوه طاهر ابنه ووريثه في الحكم سابور في النصف من رمضان سنة 359هـ969م، وانكفؤا على أنفسهم في البحرين لبعض الوقت وظلوا على هذا الحال إلى أن جمع كلمتهم الزعيم القرمطي الحسن بن الأعصم بن أبي سعيد الجنابي، ورأى أن يحسنوا من صورتهم لدى الناس فقرروا إعادة الحجر الأسود لمكة فحملوه ونصبوه على اسطوانة في جامع الكوفة ثم قدم به أحد قادتهم وهو سنبر بن الحسن بن سنبر عام 339هـ إلى مكة حيث سبق وأخذوه في بداية حروبهم ونهبهم بعد غزوهم لمكة المكرمة سنة 317هـ/929م في موسم الحج وأخذوه معهم لهجر.

واختتم محاضرته بالحديث عن نهاية حكم القرامطة، ثم فُتح المجال للمداخلات التي أثرت الموضوع والأسئلة التي تفضل بالرد عليها.