m

فئة :

2012 Apr 05

الفلسفة أهميتها ومدارسها

أبدى الدكتور حسن كامل، أستاذ الثقافة الإسلامية في جامعة الملك سعود، استغرابه ممَّا جاء في التقرير الذي صدر عن اليونسكو متجاهلاً دور المملكة والخليج في تدريس الفلسفة لدرجة أنه ينفي أيضًا وجودها في الجامعات والمدارس. وقال إنَّ الاستبيان الذي اعتمدت عليه اليونسكو لم يصل إلى أي جامعة، نافيًا ما جاء في التقرير ومؤكِّدًا أنَّ جامعة الملك سعود تُدرِّس ثلاثين محاضرة في الفلسفة أسبوعيًّا وكذلك الجامعات الأخرى، كما استهجن توظيف السياسة الأمريكية للفلسفة في استراتيجياتها لإدارة الحروب. جاء ذلك في محاضرةٍ قدَّمها في خميسية حمد الجاسر الثقافية في يوم الخميس 13 جمادى الأولى 1433هـ الموافق 5 أبريل 2012م, وقد أدار المحاضرة أستاذ المناهج ونظرية المعرفة الدكتور أحمد حيزم.

وعرَّف الـمُحاضر الفلسفة بأنها كلمة يونانية الأصل معناها حب الحكمة, وقال إنَّ السؤال عن ماهية الفلسفة يُعَدُّ سؤالاً فلسفيًّا قابلاً لنقاشٍ طويل؛ وأنَّ ممَّا يشكِّل أحد المظاهر الجوهرية للفلسفة ميلها للتساؤل والتدقيق في كل شيء والبحث عن ماهيته ومَظَاهره وقوانينه. لهذا، فإنَّ المادة الأساسية للفلسفة مادة واسعة ومتشعِّبة ترتبط بأصناف العلوم وربما بجمع جوانب الحياة؛ فالفلسفة تُعرَّف بأنها محاولة الإجابة على الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون.

وأشار إلى أنَّ الفلسفة شهدت تطوراتٍ مهمة، فمن الإغريق الذين أسَّسوا قواعد الفلسفة الأساسية بوصفها علمًا يحاول بناء نظرة شمولية للكون ضمن إطار النظرة الواقعية، إلى الفلاسفة المسلمين الذين تفاعلوا مع الإرث اليوناني ودمجوه مع التجربة وحوَّلوا الفلسفة الواقعية إلى فلسفة اسمية، إلى فلسفة العلم والتجربة في عصر النهضة, ثم الفلسفات الوجودية والإنسانية، موضحًا أنَّ الكِنْدي هو الفيلسوف الوحيد من أصلٍ عربي.

وتحدَّث عن مَوَاطن نشوء الفلسفة, فذكر أنَّ الفلسفة نشأت في بقاعٍ عديدة، ولكنها اشتُهرت وازدهرت في بلاد اليونان بخاصَّة؛ وذلك لأنَّ بلاد اليونان قد تفاعلت فيها مجموعة من العوامل التي جعلت الفلسفة اليونانية أكثر عمقًا وتشعُّبًا. وقال إنَّ الفلسفة شهدت محطاتٍ فارقة خلال تطوُّرها, ولم يكن الانتقال من محطةٍ إلى أخرى مجرد انتقالٍ في الزمان والمكان, ولكنه انتقالٌ في فضاء الفكر.

وتوقَّف الـمُحاضر عند الفيلسوف الغربي ديكارت وتساؤله عن الطريقة الصحيحة للوصول إلى معرفة جميع الأشياء، وهو بذلك يطرح مشكلة ذات طبيعة منهجية، مشيرًا إلى أنَّ ديكارت انطلق من الإقرار بضرورة اتِّخاذ الحيطة والحذر وعدم التسرُّع في إصدار الأحكام التي لم تُستَمَد من العقل. ولقد رأى ديكارت أنَّ الوصول إلى معرفة جميع الأشياء يتطلَّب امتلاك طريقة أو منهج، وأنَّ الوصول إلى الحقيقة لا يمكن أن يتم إلا إذا تسلَّحَ العقل بمنهجٍ يعصمه من الوقوع في الأخطاء.

وفي ختام المحاضرة فُتح المجال للمداخلات والأسئلة, وكان الدكتور عز الدين موسى أحد المشاركين إذ انتقد الخلط بين الاستراتيجيات والفلسفة، وقال إنَّ ابن رشد كان في مُواجَهة إشكالية محدَّدة هي إشكالية العلاقة بين الدِّين و الفلسفة, وإنَّ ابن رشد انتهى إلى التأكيد على أنه لا خلاف بين الدِّين والفلسفة وأنَّ العلاقة بينهما هي علاقة اتصال وانسجام وتوافُق، مبيّنًا أن الفلسفة ليست علمًا ولا مذهبًا ولا سياسة، وإنما هي أداة نظر لها سماتها وأدواتها ومنطقها ومن ذلك “المنطق الصوري” في النظر إلى الأشياء. ومن هنا، فليست الفلسفة موطن قدح أو مدح لذاتها مستشهدًا بكتاب الدكتور راشد المبارك “شموخ الفلسفة وتهافت الفلاسفة”.