m

فئة :

2014 Nov 08

الدولة السعودية الأولى في رحلة علي باي العباسي

تحدث الدكتور صالح السنيدي –أستاذ التاريخ في جامعة الإمام- عن الرحالة الأسباني “علي باي العبّاسي”، شخصيته وأهدافه ومسار رحلته حيث ينتمي إلى أب كتلوني وأم بلجيكية واسمه باللاتينية Domingo Babia Leblich، وُلد في برشلونة للأول من أبريل سنة 1767م، ووجهه والده لدراسة الإدارة، ثم دفعه الطموح وحب المغامرة إلى البحث والدراسة وإجراء التجارب العلمية المتعددة، ثم تقدّم بمشروع الرحلة سنة 1801م إلى شمال أفريقية ذات أهداف سياسية وعلمية، وتقمص “شخصية إسلامية” واتجه صوب المغرب قبل مكة حيث وصل المغرب في 1803م معلنا بداية الرحلة ومتنكرا بالزي العربي ومدعيا أنه ينتمي إلى الأسرة العباسية ومتخذًا من “علي باي العباسي” اسمًا له، وقد حير الكتاب في تبعيته وانخرط في سلك الجاسوسية، جاء ذلك في محاضرة أُلقيت في مجلس حمد الجاسر يوم السبت 15 محرم 1436هـ الموافق 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014م، وأدار اللقاء سعادة الدكتور عبدالعزيز الهلابي.

وقد ركز المحاضر على الدولة السعودية الأولى في رحلة علي باي العباسي بتاريخ 1221هـ/1807م والظروف التي مرت بها المنطقة زمن الرحلة، والحالة السياسية في مكة المكرمة عند وصول الرحالة، وقد كانت هذه المعلومات عن البلاد التي زارها غنية بالتقارير والتصوير الدقيق لأوضاعها السياسية والاجتماعية والدينية والطبوغرافية.

جدير بالذكر فقد قام المحاضر بترجمة ودراسة ما يتعلق بالجزية العربية من هذه الرحلة ونشرت دارة الملك عبدالعزيز بالرياض في كتاب بعنوان: “رحالة إسباني في الجزيرة العربية”، وأفرد الجزء الخاص بمصر في دراسة مستقلة.

وأشار المحاضر إلى أن مذكرات الرحالة وسجلات رحلاتهم قد فتحت الطريق أمام الباحثين لنبش الماضي والتنقيب في حفائره ومنحتهم الفرصة لمعرفة جواهره وإزالة ما تراكم عليه من صدأ السنين وغبار الزمن، خاصة وأنها كُتبت بطريقة تصويرية تعطي المعلومة قيمة توثيقية وتاريخية إذا سلمت المبالغة، ويمثل الرحالة الأسباني أحد الروافد الوثائقية لفترة عصيبة من تاريخ منطقتنا العربية، التي أصبحت آنذاك هدفًا وصيدًا ثمينًا يسيل له لعاب المستعمر الغربي الأوروبي، بعد أن بدأ الضعف والهوان ينخر في جسد هذه البلاد، لعوامل داخلية وخارجية يأتي على رأسها ضعف الدولة العثمانية، وتفاقم المشاكل الداخلية والخارجية، مما أضعف جبهته الداخلية، وجعله هدفًا للأطماع الاستعمارية، فصاحب الرحلة استطاع بما أوتي من ملكة وحب للمغامرة أن يخترق الحواجز التي كانت عائقًا لأقرانه الأوروبيين، وتغلغل حتى وصل إلى بواطن صناع القرار وأصحاب الشأن في البلاد التي اختارها هدفًا لزيارته، كما تسلل إلى أعماق تلك المجتمعات وساعده المغاربة كثيرًا في المغرب ومكة أيضًا حيث كانت تستقبله الجالية المغربية في مكة على أنه ابن الدار وسليل الحسب والنسب من أبنائها البررة، ومن هنا فقد ظفر بما لم يتمكن منه غيره من المغامرة والرحالة الأجانب.

وتتجلى أهمية الرحلة في العرض السلس لمعلوماتها التي اتسمت بالثراء والتنوع، فصاحب الرحلة لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أقحم نفسه فيها كعادة الحشريين أو الجواسيس الذين يهمهم إثراء تقاريرهم ومعلوماتهم بما يدور في هذا البلد موقع الزيارة، من أحداث سياسية يهمهم إثراء تقاريرهم ومعلوماتهم بما يدور في هذا البلد موقع الزيارة، من أهداف سياسية وتفاعلات اجتماعية ومنشآت عمرانية وأطلال مبانٍ اندرست وقضايا اقتصادية وأحوال جوية إلى جانب المعتقدات الدينية والعلمية والجغرافية، تطرّق دومنجو باديا أو علي باي العباسي كما سمي نفسه، لكل ذلك وغيره في رحلته الموسومة بـ “رحلات في المغرب وطرابس واليونان ومصر” في جزئها الأول و”رحلات في جزيرة العرب وفلسطين وسورية وتركيا” في جزئها الثاني، والتي كانت في بداية القرن التاسع عشر الميلادي / نهاية الربع الأول من القرن الثالث عشر الهجري.

ثم ختم المحاضرة بالمشاركات التي أثرت الموضوع والأسئلة التي تفضل بالرد عليها.