m

فئة :

2015 Sep 15

الدكتور حمد الدخيِّل يتحدث عن تجربته في التحقيق

افتتح الدكتور حمد الدخيل محاضرته بالحديث عن ذكرياته الأولى مع الشيخ حمد الجاسر في التحقيق وعن شغفه بالثقافة والأدب المصري الحديث بدءًا بالمنفلوطي والعقاد وطه حسين وأحمد أمين والزيات وتأثره بالروايات والقصص ومقامات الحريري، جاء ذلك في محاضرة ألقاها في مجلس حمد الجاسر يوم السبت 28 ذو القعدة 1436هـ وأدارها الدكتور صالح التويجري.

ثم تحدَّث المحاضر عن بداياته مع مقامات الحريري وإعجابه واهتمامه بها واستمتاعه بسرد الأخبار والنادر والأمثال والأشعار ومقدار الجهد الذي بُذِل لتحقيقها والمخطوطات التي اعتمد عليها، مشيرًا إلى أن التحقيق يضع أمام الباحث مشكلات علمية لا خيار له فيها، ولا مناص له عنها، وعليه أن يجد حلاً ماسبًا لها، فيجدّ في البحث وينقب في الكتب فيُمرّن عقله ويشحذ ذهنه ويزداد اطلاعه وتتوسع مداركه ويتربى ذوقه وملكته الفنية، وهذه هي الغاية من البحث وهذا لا يتوافر في التأليف بقدر توافره في التحقيق، لذلك لا يكون المحقق ماهراً إلا حين يكون ملماً بشتى العلوم الإنسانية.

وأكد بأنه اتجه لتحقيق مقامات الحريري لشغفه بها وقد قضى معها صحبة ممتعة متتبعاً ما وُضع لها من شروح في الكتب والمراجع التي تهتم برصد كتاب التراث العربي مثل كشف الظنون لحاجي خليفة وإيضاح المكنون للبغدادي وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان وسواها، فهالته كثرة الشروح التي وُضعت لها، وقد أحصى لها حاجة خليفة والبغداد أكثر من أربعين شرحاً وهي ليست بالشيء القليل وأخذ في تتبعها واستقرائها والموازنة بينهامن حيث توافر مخطوطاتها وعدمه والتعرف على مناهج أصحابها وتخصصاتهم من خلال تراجم حياتهم وما يمكن الاطلاع عليه من آثارهم. واستقر رأيه أخيراً على إخراج كتابه، وكان يعرف سلفاً مقدار الجهد الذي يجب أن يُبذل فيه لطوله من ناحية وكثرة مخطوطاته من ناحية أخرى وتسعل مباحثه، حيث بحث عن مخطوطاته في فهارس المكتبات العالمية حتى تجمع لديه قدر كبير منها مما فات بروكلمان الاطلاع عليه أو معرفته وبدأ في مراسلة المكتبات للحصول على صورة من النسخ التي تمكن من معرفتها، ولقد اقتضى منه هذا الجهد ما يقرب من سنتين حبَّر خلالها أكثر من مائتي رسالة إلى المكتبات في مصر وسوريا والعراق وإيران وتركيا وبريطانيا وفرنسا وهولندا وأسبانيا وألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية حينها، والاتحاد السوفيتي والهند وباكستان الشرقية وإلى عدد من العلماء والباحثين للاسترشاد منهم عن مخطوطات غابت عنه معرفتها.

كما أثنى على الدول الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا التي سهّلت له الحصول على المخطوطات بشكل أفضل وبوقت أسرع من غيرها حيث لم يجد مشقة ولا تأخير من المكتبات الألمانية وفرنسا وبريطانيا أيضًا، في حين كان يمضي على طلبه أكثر من سنة في مكتبات البلدان العربية وفي هذا تعطيل للباحث وتأخير له عن إنجاز عمله، وفي ختام المحاضرة اعتذر عن ضيق الوقت ووعد بمحاضرة يعد لها عن تجربتها الكاملة في التحقيق والصعوبات التي واجهها وما يتطلب من المحقق وأهمية هذا العلم، ثم فُتح المجال للمداخلات التي أثرت الموضوع والأسئلة التي تفضل بالرد عليها.