m

فئة :

2014 Sep 15

الأستاذ خالد المانع يتحدث عن المذاهب الفقهية في نجد قبل الدعوة الإصلاحية

الرياض: دارة العرب- أشار الباحث السعودي الأستاذ خالد المانع إلى أن المذهب السائد في نجد قبل الدعوة الإصلاحية هو المذهب “الحنبلي” مع وجود المذهب “الشافعي” و”الحنفي” في فترات متفاوتة حتى القرن الحادي عشر، جاء ذلك في محاضرة ألقاها في المقهى الثقافي مساء الاثنين 21 ذو القعدة 1435هـ الموافق 15 أيلول (سبتمبر) 2014م ضمن البرنامج الثقافي للمقهى.

وتحدث في بداية المحاضرة عن البدايات الأولى لوصول تلك المذاهب إلى المنطقة وقدم نبذة موجزة عن منطقة نجد وكيف دخلت الإسلام وما تعرضت له من المذاهب العقائدية على مر القرون والعصور. ففي القرن الأول الهجري وفي زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعث رسالة إلى أهل اليمامة واستجاب له جزء كبير منهم وذهبوا إليه وبايعوه وبعد وفاته وُجد المرتدين كمسيلمة الكذاب ثم قضى على الردة أبوبكر عندما أرسل لهم خالد بن الوليد، وبقيت المنطقة تابعة للخلافة الراشدة ثم الدولة الأموية حتى عام 64 هـ في زمن يزيد بن معاوية عندما حصلت الفتنة، ثم ظهر  الخوارج في منطقة نجد في هذه الفترة واستمرت لسنوات وقُضي عليها ثم عادت المنطقة مرة أخرى إلى الدولة الأموية، موضحًا أن اللافت في تلك الفترة هو وجود عدة علماء ومحدثين في العصر الأموي ومنهم “يحيى ابن أبي كثير اليمامي”، الذي كان يُقدم عند الأئمة مثل الإمام أحمد وسفيان بن عيينه في الحديث على الزهري، وبعد سقوط الدولة الأموية ومجيء الدولة العباسية بقيت اليمامة تابعة للدولة العباسية ثم جاءت الدولة الأخيضرية في منتصف القرن الثالث الهجري “زيدية المذهب” وقد مكثوا في اليمامة ما يقارب 80 سنة، وبعد ذلك جاءت دولة “القرامطة” التي أسقطت الدولة “الأخيضرية” وتوسع القرامطة إلى الحجاز وأجزاء من اليمن والشام وبغداد وكادوا أن يدخلوا مصر إذ كانوا فتنة ومذهبهم باطل وهو نظام سياسي قرمطي يركز على النظام الاقتصادي ولم تستمر كثيرًا حتى انحسر نفوذ القرامطة ثم جاءت الدولة “البيونية” في القرن الخامس الهجري وأسقطت دولة القرامطة وكانت الدولة البيونية على المذهب الشافعي، وفي منتصف القرن السابع الهجري جاءت دولة “بني عامر” وكانت على سنيّة، ثم بعد ذلك في القرن التاسع الهجري جاءت دولة اسمها الدولة “الجبرية” وهي امتداد لـ”بني عامر” وكان لها نفوذ عظيم من الأحساء إلى القطيف ثم نجد وعمان ووصلت إلى ظفار وتذكر الوثائق البرتغالية أن نفوذهم كان يمتد إلى أطراف مكة وكانت على المذهب “المالكي” وبعض حكامها على المذهب الشافعي واستجلب العلماء من المدينة وغيرها وولاهم القضاء في الأحساء فانتشر المذهب المالكي في ذلك الوقت وتجد الإمارات والبحرين والكويت سابقًا على المذهب المالكي الذي انتشر في تلك الدولة.  وبعد أن قدم هذه النبذة اليسيرة عن الصراعات الفكرية والدول والمذاهب التي حلت معها نوه إلى نقطتين أن أصحاب هذه المذاهب تُرجم منهم ونُقل عنهم جميعًا القول: “إذا رأيتم كلامي يخالف كلام الرسول فاتركوه” ولكن في تلك الفترة لم تدون السنن وكان أهل العراق بعيدون.

ثم ذكر دور السياسة في نشر المذاهب إذ لا تنتشر المذاهب إلا عندما تتبناه دولة من الدول فمثلاً الأحناف في وقت هارون الرشيد وضع منصب القضاء في جميع البلدان التي تتبع العباسية على مذهب الأحناف بينما الدول التي قامت في المغرب الإسلامي والأندلس كانوا على المذهب المالكي.

وأشار إلى أن كثيرًا من المذاهب كان للدور السياسي الدور الأكبر في نشرها. ثم ذكر بعض المذاهب التي كانت موجودة في “نجد” قبل دعوة محمد بن عبدالوهاب والمذهب الأول هو المذهب “الحنبلي” مذهب الإمام أحمد وتلامذته وأتباعه حيث انتشر في بداية الأمر في بغداد ثم بقي الإمام أحمد في عهد المعتصم والمأمون في السجن حتى جاء المتوكل فنصره  وأخرجه من السجن ونصر مذهبه ثم نزحوا إلى دمشق بعد مجيء “السلاجقة” في القرن الخامس الهجري الذين كانوا متحمسين للمذهب الشافعي فنزح الحنابلة إلى دمشق واستقروا فيها وأقاموا المدارس

وأوضح أن المذهب الحنبلي أصوله قائمة على الحديث النبوي والأسانيد وقد كانت “اليمامة” بلد المحدّثين لذلك لم يتأثر مذهبهم الحنبلي بمجيء “الخوارج” و”الأخيضرين” و”القرامطة”، مشيرًا إلى أن أول من رُصد في المذهب الحنبلي في نجد توفي عام 633 هـ هو “ابن رضوان النجدي الحنبلي” من أهل نجد انتقل إلى البصرة وهو أول رجل يعتنق المذهب الحنبلي كما ذكرت المصادر والتراجم وكانت طريقتهم الهجرة إلى الشام يدرسون فيها ويرجعون ، وفي القرن الحادي عشر زاد الحراك الفكري في نجد وأصبحت نجد مقر العلماء الحنابلة.

وتحدث عن المذهب “الحنفي” الذي كان في الخرج وقد اعتمد في الخرج قضاءً وإفتاءً وذلك يرجع إلى أن الخرج منطقة زراعية وتمر فيها الحركة التجارية ومنطقة التقاء القوافل بين الاحساء وعمان والبصرة ومكة، وفي منتصف القرن العاشر الهجري دخل العثمانيون الأحساء فأصبح المذهب الرسمي فيها “الحنفي” وبقي إلى الدولة السعودية الأولى جاء مذهبهم الحنبلي وأرسلوا قاضي حنبلي إلى الخرج فتوقف القضاء الحنفي في الخرج حتى جاء العثمانيون وسقطت الدرعية عام 1233هـ أرجعوا المذهب الحنفي وعندما خرج تركي بن عبدالله عاد المذهب الحنبلي ولما جاء خالد بن سعود المرة الثانية أرجع المذهب الحنفي وهو آخر ما حُكم به في الخرج تقريبا عام 1260هـ.

والمذهب الثالث هو الشافعي حيث كانت رحلة الشافعي المشهورة لليمن ثم الحجاز ثم  التقى الإمام مالك وذهب إلى بغداد والتقى بابن حنبل ثم اتجه إلى مصر حيث انتشر المذهب الشافعي وجاءت الدولة الفاطمية التي أخرجت كل المذاهب السنية فكان المذهب الإسماعيلي هو الموجود في ذلك الوقت ولكن عندما جاء “صلاح الدين الأيوبي” أسقط الدولة “الفاطمية” وأرجع المذهب “الشافعي” وانتشر في المنطقة وجعله المذهب الرسمي، وفي القرن السابع الهجري تولى “الظاهر بيبرس” ووضع لكل قاضٍ كرسي ولكنه خصّ المذهب “الشافعي” ليكون مسؤول عن الأوقاف والأيتام. وصلت الدولة الأيوبية إلى الشام واليمن فانتقل إلى اليمن والحجاز وإلى الخرج فأسرة “العكسر” -على سبيل المثال- كان منهم قضاة على المذهب الشافعي، وفي “الحوطة” كانت المذهب الشافعي و”الحريق” كان هناك حنفي وشافعي أما في بلاد “ليلى” الأفلاج كانوا على المذهب الشافعي.

ثم فتح المجال للمداخلات التي أثرت الموضوع والأسئلة التي تفضل بالرد عليها.