m

فئة :

2013 Dec 25

أخبار المعمّرين بين سلطة الرواية وغياب الإثبات

استهجن الدكتور فائز الحربي -الباحث والمتخصص في التاريخ والأنساب- ظاهرة مبالغات المسنين الذين لا يتورّعون عن الزعم بأنَّ أعمارهم تصل إلى مئة وثمانين عامًا، في حين أنه لم يتجاوز أحد الـ 120 عامًا في الدول المتقدمة خلال الألفي سنة الأخيرة، رغم تفوقهم علينا في متوسط الأعمار المتوقعة، جاء ذلك في محاضرة ألقاها في المقهى الثقافي التابع لمركز حمد الجاسر، مساء الثلاثاء 21 صفر 1435هـ.

وأشار المحاضر إلى أن المعلومات الواردة في المصنفات التاريخية القديمة عن أخبار المعمرين في الجاهلية والإسلام ليست إلا روايات وأخبار غير محققة، وليس الطعن في عدم دقتها طعنًا في أمانة العلماء المذكورين، لكن الضعف يدخلها من وجوه متعددة، لعل من أهمها: عدم تحديد تواريخ المولد والوفاة بشكل دقيق؛ وأنها في الغالب تقوم على الحدس والتخمين ونقل روايات الإخباريين دون توثيق أو تدقيق وليست محل اتفاق بين الرواة وأصحاب التراجم، ولا تمتلك دليلاً عقليًا أو نقليًا مقنعًا وأغلبها مستوحاة من الشعر، وعدّها من أحاديث السمَر.

ثم عزا وجود تلك المبالغات وتغلغلها في مجتمعاتنا المعاصرة إلى عدّة أمور، من أهمها ارتفاع نسبة الأمية بين أفراد المجتمع، وانخفاض مستوى التأهل المهني والعلمي للعاملين في وسائل الإعلام على مختلف أنواعها، وعدم حرص الصحفيين على تدقيق المعلومات، والعزوف عن القراءة لدى الشعوب العربية واعتمادها على الأخبار المتداولة، وضعف الدور الأكاديمي والرسمي المتعلق بحماية الحقيقة ومحاربة الخرافة، وضعف الثقافة العامة، والميل إلى استماع القصص والأشعار وما تتضمنه من مبالغات وأساطير، بدلاً من القراءات التاريخية والعلمية.

وتحدث عن بعض هؤلاء المعمرين وأنه تواصل مع بعضهم بنفسه أو عن طريق وسائط فتبين له مبالغتهم فكان عمر أحدهم 94 عامًا وكان يحدّث سابقًا بأنه بلغ الـ134عامًا، وروجت الصحف لتلك الأخبار، وختم محاضرته بالتأكيد على أن المعلومات التي تشاع في وسائل إعلامنا وفي مجالسنا عن وجود معمرين محليين تتجاوز أعمارهم الـ(120) سنة هي مجرد مبالغات لا صحة لها في الواقع.