اللواء المتقاعد عبدالقادر كمال يتحدَّث عن سيرة المؤرِّخ والأديب محمَّد سعيد كمال ومسيرته
تحدَّث اللواء المتقاعد عبدالقادر كمال عن سيرة ومسيرة الأستاذ محمَّد سعيد بن حسن كمال المؤرِّخ والمعلِّم والأديب وصاحب مكتبة المعارف بالطائف، ومن أعلام المثقَّفين في تلك المدينة، وأوضحَ ما قدَّمه للمكتبة العربية من مؤلَّفات وأبحاث ودراسات في التاريخ والأنساب والأشعار، ودقائق اللغة العربية، وعلوم القرآن الكريم وأحكامه، والتفسير ومناهجه، والعلوم الإنسانية، والرحلات، وغيرها، جاء ذلك في محاضرةٍ ألقاها في مجلس حمد الجاسر بعنوان "محمَّد سعيد كمال مؤرِّخًا ومعلِّمًا وأديبًا وكتبيًّا" يوم السبت 23 ربيع الآخِر 1438هـ الموافق 21 كانون الثاني (يناير) 2017م، وأدارها الدكتور فايز الحربي.
وذكرَ المحاضِر أنَّ الأستاذ محمَّد سعيد كمال من مواليد الطائف عام 1332هـ، وأسرتُه أسرة عِلْم جمعت بين التعليم والقضاء، منهم الشيخ عبدالله بن بكر كمال -رحمه الله- الذي كان قاضياً في الطائف في عهد الأشراف، وابنُه الشيخ بكر بن عبدالله كمال -رحمه الله- الذي كان قاضيًا في الطائف في العهد السعودي؛ وقد تخرَّج الشيخ محمَّد سعيد كمال من المدرسة السعودية في الطائف، وأكمل تحصيلَهُ العلمي في حلقات المساجد ومجالس المشايخ مثل مجلس الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ، وبدأ حياتَهُ الوظيفية معلِّمًا بالمدرسة الابتدائية بالطائف عام 1354هـ، ولتميُّزه في مهنة التعليم اختيرَ للتدريس في مدرسة الأمراء النموذجية بالطائف التي أسَّسها الأمير فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، واستمرَّ فيها حتى عام 1372هـ، إذ رُشِّح مديرًا للمدرسة السعودية الابتدائية بالطائف، ثمَّ استقال منها ليتفرَّغ لمكتبته (مكتبة المعارف) بالطائف، التي أسَّسها عام 1367هـ، ثم أسهَمَ كثيرًا في تأليف ونَشْر الكتاب المدرسي وفق ما يتطلَّع إليه مِن بَذْر العِلْم وبَثِّ إضاءات المعرفة في عقول براعم التعليم، فألَّفَ ثمانية عشر كتابًا مدرسيًّا للمرحلة الابتدائية، ثم اتَّجه إلى نَشْر الكتب الأدبية والعلمية والتأليف في أوعية الفكر والثقافة. وجعل مكتبة المعارف منتدىً للثقافة وطلاَّب العِلْم والمعرفة مِن بعد صلاة العصر حتى أذان العشاء، لتبادُل الأفكار والحوار والنقاش، ويصفُه الروَّاد بأنه كان مَجْمَع العلماء وطلاَّب العِلْم.
وأضاف المحاضِر أنَّ الشيخ العلاَّمة حمد الجاسر أثنى على الشيخ محمَّد سعيد كمال -رحمهما الله- في وَصْفه لرحلة كتابه "في سَراة غامد وزهران" تحت عنوان "سَلْ عن الرفيق قبل الطريق"، وقال إنه ذو ثقافة دينية عميقة وخُلُق وصلاح وتقوى وله مكانة سامية في نفوس أهل الطائف، فضلاً عمَّا يتَّصف به كونه من أسرة علمية كريمة عُرفت بالفَضْل وسموِّ الأخلاق. وكان لزيارتهما معاً جبالَ السَّراة كثيرٌ من الذكريات الجميلة، ووقفا على المعالم التاريخية والأثرية.
كما استعرضَ المحاضِر نماذج من شعر الشيخ محمَّد سعيد كمال، وقدَّم نبذةً عن مؤلَّفاته ومطبوعاته وكُتُبه التي حقَّقها، فقد ألَّفَ ثمانية عشر كتابًا مدرسيًّا للمرحلة الابتدائية، وكتاب "الأمالي لقواعد الإملاء"، و"الإنشاء في المراسَلات والوثائق"، و"الطائف: جغرافيته وتاريخه وأنساب قبائله"، و"الطائف في كُتُب المؤرِّخين"، و"مقدِّمة في أصول الفِقْه الظاهري"، و"المناظَرات بين الفحول من علماء الإسلام وأعلامه"، و"إعراب: واذكُر في الكتاب إسماعيل"، و"مقدِّمة في الحب والكُتُب المؤلَّفة فيه"، و"المرأة وعادتها الشهرية" (مخطوط)، و"الفنون والألعاب الشعبية بالطائف" (مخطوط)، و"آثار الطائف" (مخطوط).
وذكرَ المحاضِر الكُتُب التي قام الشيخ محمَّد سعيد كمال بجَمْعها وتحقيقها، والتي بلغت ثمانية عشر كتابًا، منها "الارتسامات اللطاف" لشكيب أرسلان، و"ما رأيتُ وما سمعتُ" و"عامان في عَمَّان" للزركلي، و"الرحلة الحجازية" للبتنوني، و"نزهة الجليس ومنية الأنيس" للعبَّاس المكِّي الموسوي، والعديد من الكُتُب الأخرى بموضوعات متعدِّدة.
وفي الختام فُتِحَ المجال للمداخَلات، إذ أكَّد المشاركون أهمِّية إبراز دَوْر المؤرِّخ والأديب والكُتُبي والمفكِّر محمَّد سعيد كمال وجهوده في خدمة الثقافة، وأشادوا بما لمؤلَّفاته مِن أثر جيد في مختلف المراحل العُمرية للمتلقِّين فقد ألَّف لكلِّ الفئات، واقترحوا طَبْع المحاضَرة ونَشْرها في مجلَّة "العرب" ليستفيد منها أكبر عدد ممكن.