الأُسَر السعودية في الكويت ودورها المؤرِّخ والصحفي عبدالعزيز الرشيد مثالاً

تحدَّث الدكتور يعقوب الحجِّي عن الكويت من حيث كونه البلد الذي احتوى كثيراً من المهاجرين من مختلف بلدان العالم، معتبرًا المهاجرين النجديين من أهم من ساعدوا في الحفاظ على هويته العربية؛ جاء ذلك في محاضرةٍ ألقاها في مجلس حمد الجاسر يوم السبت 4 جمادى الأولى 1437هـ، وأدارها الدكتور عبدالرحمن الشبيلي. وقد افتتح الدكتور الحجِّي محاضرته بشكر مركز حمد الجاسر الثقافي على هذه الدعوة، والتأكيد على أن المملكة أرض الجذور ولا يستطيع الإنسان أن يتخلَّى عن جذوره. ثم تحدَّث عن ذكرياته مع الشيخ حمد الجاسر قبل نحو 45 عامًا حين كان طالباً في الجامعة وزاره عمُّه -أحد سفراء الكويت وأدبائها- وطلب صحبته لزيارة الشيخ للسلام عليه، ثم زادت معرفته به عندما كتب مقالته عن تاريخ الكويت، وتطوَّرت بالمراسلات بينهما. وقال إن الكويت كان بقعة من الصحراء على ساحل البحر، وكان لزاماً على أهلها إما ركوب الماء أو الذوبان في الصحراء. وأضاف إن أبرز عوامل نهضة الكويت تلخَّصت في الحاكم العادل، والقضاء النزيه، وتجار عُرِفَ عنهم النزاهة والأمانة والصدق والخوف من الحرام، لذا قصدها أهل نَجْد لطلب الرزق ثم استوطنوها، وبوساطتهم حافظت الكويت على طابعها وعروبتها، وكان أبرز المهاجرين من الزلفي لقربها من الكويت. ثم استعرض أمثلةً للعائلات النجدية التي هاجرت واستقرَّت بالكويت، وأسباب نجاحها قبل اكتشاف البترول، أمثال عائلات الخرافي والحمد والشايع والعثمان والرشيد. وركَّز في محاضرته على الشيخ عبدالعزيز الرشيد البداح، وتحدَّث عن سيرة نفسٍ طَمُوحة، وجهاد متواصل، وتعب ومعاناة مستمرَّيْن، سيرة رجل صلب، وذي إيمان عميق بالقرآن والسنَّة، رجل حَرَمَ نفسَه الراحة في وطنه والعيش إلى جانب أهلٍ وزوجةٍ وأولاد، واختار طريق الدعوة والجهاد بعيداً عنهم، سيرة رجلٍ فاق عصره، ولم تزده العوائق إلا قوَّةً وبأساً وصلابة، ولقد كانت لديه روح التحدِّي التي لا تلين، ودخَل معارك قَلَمية كثيرة، وكرَّس آخر سنوات حياته للدفاع عن الملك عبدالعزيز، لِمَا كان يمثله هذا الملك من آمالٍ وأمانٍ في رفع راية القرآن والدِّين، وخير مَن يشعر بذلك مَن كان يقوم بالواجب المقدَّس لنصرة الدِّين. وأوضحَ أنه كان واسع الاطِّلاع، كثير السفر، حتى غدا أشهر شخصية كويتية عُرفت خارج الكويت، مع أنه لم يكن من عِلْية القوم ولا من تجارها المعروفين. لقد كان صاحب كلمة وقلم، وهذا ما خلَّده على مرِّ السنين. وبيَّن أن الشيخ كان كل تلك الأشياء مجتمعة، كان إمام مسجد وخطيباً، ومصلحاً اجتماعياً، ومدرِّساً، وشاعرًا، وصحفياً وسياسياً، ومؤرخاً، ورحالة، كان متعدِّد المواهب وقلَّ أن تجد له في الكويت نظيرًا. وقال: إحدى وخمسون عاماً هي كل ما أُتيح للشيخ عبدالعزيز الرشيد من فُسْحةٍ في هذه الحياة، ولكن غيره قد يحتاج إلى ضِعْف هذه السنوات لكي يقوم بما قام به من أعمال. وتحدَّث عن مراسلاته ولقاءاته بالملك عبدالعزيز، كما تحدَّث عن والده، واستعرض برنامجه التعليمي والصحفي في البحرين، وتعبيره عن الابتهاج للنهضة التي لمسها في البحرين أيضًا والتقدُّم الذي وجده في مختلف مرافق الحياة فيها، ودعوته للجميع ليكونوا معتدلين في أفكارهم وأقوالهم وأعمالهم، وأن يكونوا حذرين مما يأتي من الغرب من عادات وتقاليد. وفي ختام المحاضرة استمع الـمُحاضر إلى مداخلات عدد من الحاضرين، وأجاب على تساؤلاتهم، مما أثرى المحاضرة وزادها فائدة.