د. السعدي يتحدث في مجلس الجاسر عن أهمية الدراسات الاستشرافية للمستقبل
شدَّد الدكتور إسحاق السعدي على ضرورة الاهتمام بدراسات استشراف المستقبل باعتباره علم متجدد ومن الحقول العلمية شأنه شأن العلوم الإنسانية الأخرى فلا تخلو حضارة مر التاريخ إلا وهي تعتمد على استشراف المستقبل، مشيرًا إلى أن الاهتمام بالمستقبل ودراساته من أهم مقومات صناعة النجاح سواءً على المستوى الشخصي أو على المستوى الاجتماعي أو الحضاري فلا يمكن لأمة من الأمم ولا دولة من الدول أن تحقق التقدم في جميع المجالات إلا من خلال استشراف المستقبل بهذا العلم وتوظف الأمة أو الدولة لديها من قدرات وإمكانات وتستخدمها لوضع رؤية متكاملة لما ستكون عليه بعد مدة زمنية سواءً أكانت طويلة المدى أم قصيرة، مؤكدًا على وجود علاقة بين الاستشراف والتخطيط وتبين أهمية كل منهما من جهة وطبيعة الصلة بينهما من جهة أخرى، جاء ذلك في محاضرة ألقاها في مجلس حمد الجاسر يوم السبت 1 ربيع الأول 1437هـ وأدار اللقاء د. عبدالله العويسي.
وأكد المحاضر على ضرورة أن ينظر الاستشراف والدراسات المستقبلية في علاقتها بالتخطيط من جانبين الأول إسهام الاستشراف بصفته مهارة وملكة في تكون الرؤية للتخطيط، والثاني كون الدراسات المستقبلية تعزز الإجراء وتثريه بالوسائل والأساليب والأدوات والمعلومات.
وأضاف: لقد سبق الإسلام جميع النظم والنظريات في العناية بعلم المستقبل والحث على استشرافه استشرافاً علميًا مدروسًا وقد تمثلت عناية الإسلام بعلم المستقبل في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وتطبيق صحابته ومن تبعهم لما جاء به القرآن والسنة ويمكن إبراز عناية الإسلام واهتمامه بعلم المستقبل من خلال بعض ما ورد في القرن الكريم والسنة النبوية من نصوص اتخذت من المستقبل واستشرافه موضوعًا وأبانت بأنه محكوم بالسنن الإلهية وميدان لامتداداتها مع ربطها بفاعلية الإنسان سلبًا وإيجاباً كما هو الشأن في الماضي والحاضر بما يدل على عناية الإسلام بالمستقبل والحث على الاهتمام به من خلال ما جاء في القرآن والسنة النبوية مستشهدًا بما جاء في قصة رؤيا يوسف عليه السلام مع إخوته، وتفسيرها بعد حين دلالةٌ واضحة على التطلع لرؤية المستقبل على الرغم من أن الرؤيا لم تكن يقينية حينما قصها على والده، لكنها جعلته ووالده ينظران للمستقبل بنظرة أخرى مختلفة لازمتها على الرغم من الوقائع الكاذبة التي زيفها إخوة يوسف حتى وقعت الرؤيا وعاد يوسف عليه السلام لمسرح الأحداث نبيًا مخلصًا من صفوة الخلق، وقال إن السنة النبوية عنيت بالمستقبل عناية فائقة بدءًا باستحضار النية والتأسيس عليها ثم الإخبار عن وقائعه في سياق الدلائل النبوية ومعجزاتها؛ ثانيًا عناية الإسلام بالمستقبل والحث على الاهتمام به من خلال امتداد السنن الإلهية في المستقبل، فالمتتبع لسنن الكون ومجرياته يجدها تسير في نسق منتظم يشكل تصورًا عن طبيعة هذه الحياة وما يراد منها وما ينبغي أن تكون عليه، وما يتميز به علم المستقبل في الإسلام واستشرافه الامتدادات السننية التي تستوعب المستقبل كما استوعبت الماضي، وكما أخذت بُعدها في الحاضر وتفاعلت معه فإنها تأخذ امتداداتها في المستقبل ويمكن استجلاء هذه السنن في دوائر ثلاث هي: دائرة السنن الكونية، ودائرة السنن الحياتية، ودائرة السنن في النفس الإنسانية، ومن خصائص هذه الدوائر أنها متداخلة مترابطة، وأن عمل الإنسان يؤثر في دوائرها الثلاث، كما يمكن استشراف المستقبل في الرصيد الحضاري الضخم في الثقافة الإسلامية، وتحدث عن استشراف المستقبل في الفقه ومقاصد الشريعة ومآلاتها مؤكدًا أن الدراسات المستقبلية متنوعة؛ بعضها ظاهر وبعضها الآخر غير ظاهر ولابد للإنسان في استشراف المستقبل من الارتكاز على عقيدة الإيمان بالله سبحانه وأنه هو المدبر للكون ولابد أن تنطوي الرؤية المستقبلية الإسلامية على أبعاد مهمة جداً من حيث المساواة والعدالة والعناية بالجانب الاجتماعي وأكد على ضرورة الحفاظ على المنظومة الأخلاقية، والتماهي مع الجانب المهم فيما يتعلق بالدراسات المستقبلية، وتلافي سلبيات الدراسات المستقبلية من خلال تطبيق منهجية الثقافة الإسلامية القائمة على التأصيل والنقد، كما تناول في ختام محاضرته بعض الاتجاهات الفكرية في الدراسات المستقبلية ثم فُتح المجال للمداخلات التي أثرت الموضوع.