دارة العرب تنظّم ندوة علميّة تأبينًا لمؤرخ الإعلام والأعلام د. عبدالرحمن الشبيليّ
نظمت "دارة العرب" ندوة علمية تأبينًا لمؤرخ الإعلام والأعلام الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي، شارك فيها د.زياد السديريّ بورقة عنوانها: "الشبيلي إنسانًا"، كما تحدث د.عبدالعزيز ابن سلمه في ورقته: "الشبيلي مؤرخ الإعلام والأعلام" وجاءت المشاركة الثالثة من د.إبراهيم التركي بعنوان: "الشبيلي.. أوراق لم تنشر"، وذلك يوم السبت 29 محرّم 1441هـ الواقع في 28 أيلول (سبتمبر) 2019م، وأدار الندوة اللواء عبدالقادر كمال.
وقد استهلّ الندوة مدير مركز حمد الجاسر الثقافيّ د.عبدالعزيز الخراشيّ؛ مرحبًا بأصحاب السموّ والمعالي وذوي الفقيد والجمع الغفير الذي حمله غراس المحبّة على الحضور والمشاركة، ثم افتتح الندوة سعادة اللواء عبدالقادر كمال؛ موجزًا وقع الفقد، ومقدمًا أول المنتدين:الدكتور زياد السديري الذي تحدث عن بدايته الأولى مع الفقيد رحمه الله وكيف نمت الصداقة بينهما من خلال عملهما معًا في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي وقال: إن من عرف الشبيليّ أدرك أنه فريد من نوعه، كريم النفس، هادئ الطبع، خفيض الصوت، بليغ الخطاب، صادق القول، راجح الرأي، إيجابي التوجه، محب للخير، سامي الخلق، مؤْثر على ذاته، لا يكثر الكلام، وإن تكلم أتى بما يوجب القبول من دون إلحاح أو جدال، وقال: إنه ما من نشاط قام به المركز إلا ولأبي طلال بصماته الخلاقة الواضحة فيه، ولقد ترك الشبيلي فراغًا في المركز ليس من المتيسر تعويضه، وعبّر عن حزنه على فقدان أبي طلال لما ربطته به من علاقة حميمية وانفتاح وعلاقة الأخ بأخيه لما اتصفت به من مكانة وديمومة، وأكد أن أبا طلال كان بمثابة الأخ الذي يطمئن له الجميع والصديق الذي يثقون برأيه، والرجل الذي لا يغيب عند الحاجة إليه، وقد كان خير دليل لمحبة الناس له ذلك الجمهور الكبير الذي حضر للصلاة عليه وتشييعه ودفنه ومن ثم المراثي التي كُتبت في مختلف الصحف والندوات والمحاضرات في المنتديات عنه التي تعبر عن حبهم ومكانته في قلوبهم.
ثم تحدث الدكتور عبدالعزيز ابن سلمه في ورقته التي استعرض فيها بإيجاز علاقة الشبيلي الوثيقة بمسيرة الإعلام السعودي خلال ما يزيد على نصف قرن مضى، ووصفها بمتعددة الأبعاد وتكاد تكون علاقة شمولية تميز فيها عن غيره من الشخصيات السعودية.
واستعرض عدة أبعاد في مسيرة الشبيلي الإعلامية أولها تمثل في الاحتراف المهني لمدة خمسة عشر عامًا منذ 1383هـ حتى 1397هـ ؛ ثم تجربته الأكاديمية الصرفة بين عامي 1398هـ و1404هـ، حينما عمل في مجال التدريس الجامعي في تخصص الإعلام بجامعة الملك سعود،وعمله مدة ثلاثة وعشرين عامًا عضوًا في المجلس الأعلى للإعلام منذ تأسيسه عام 1401هـ حتى صدور القرار بإلغائه عام 1424هـ .
وركز على مسيرة الشبيلي الإعلامية في التأليف والتوثيق والتأريخ للإعلام السعودي خلال فترة الصفاء التي صاحبت سنوات عمله في مجلس الشورى، واختتم ورقته بالحديث عن الإسهام المتواصل في الصحافة المحلية بالمقالات التي تتناول مواضيع الإعلام السعودي وقضاياه بالإضافة إلى الحضور البارز في النشاطات المنبرية من خلال المحاضرات العامة في المراكز الثقافية والاجتماعية والمنتديات والنوادي الأدبية.
ثم تحدث الدكتور إبراهيم التركي في مشاركته التي جاءت بعنوان "الشبيليّ...أوراق لم تنشر" وجاءت ورقته الأولى التي تتضمن حكايات لا يحملها القرطاس بل الإحساس، وهي حكايات تختصر علاقة ربع قرن معه، وعُنيت ورقته الثانية ببحث لم يُنشر للراحل الكريم حتى تأريخه، وهو بعنوان "وسائل التواصل والإعلام: النشأة والتطور" ويتكون من 14 صفحة استعرض بعض خطوطه وسرد معلومات عنه، حيث إن البحث مرفوع إلى جهة مختصة ليصدر ضمن كتاب شامل عن المملكة العربية السعودية، وقدم في ورقته الثالثة قصيدة شعرية في رثاء الراحل أبي طلال، كما ذكر في ورقته الرابعة تشابه وفاتي الدكتور عبدالرحمن الشبيلي ووالده رحمهما الله، حيث جاء التشخيص الأقرب لسبب وفاتهما "السكتة الدماغية" ولم يعودا من غيبوبتهما التي استمرت أربعة أيام.
واختتم مشاركته بسرد ما جاء في ورقته الخامسة وهي ما كتبه الراحل له قبل ثلاثة أيام من انتقاله إلى جوار ربه وقدّم بها "الأعمال الشعرية الكاملة لشاعر الليل والشجن السفير الأستاذ محمد الفهد العيسى 1923 – 2013م.
ثم أتاح اللواء عبدالقادر كمال -مدير الندوة- الحديث للحاضرين بعد أن تعذّر لبالغ حزنه وتأثره بفقد الشبيلي عن إلقائه إحدى قصائده الخمس التي رثى بها الشبيليّ فأتاح المجال للمداخلات وكان في مقدمة المشاركين معالي الأستاذ محمد أبا الخيل الذي أشاد في بداية مداخلته بالمؤسستين الرائدتين مؤسسة حمد الجاسر الثقافية ومؤسسة عبدالرحمن السديري الثقافية اللتين كان يعتبرهما الفقيد أفضل مؤسستين يمكن من خلالهما معالجة الكثير من القضايا، وأشاد بوجهة نظر الشبيلي عما ينبغي أن يكون عليه الإعلامي من الشفافية والمعرفة والمهنية بعيدًا عن التأثر بموجات الإعلام.
كما عبّر الأستاذ معن الجاسر أمين عام مؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية عن بالغ حزنه لما فقدته المؤسسة برحيل الدكتور الشبيليّ مشيرًا إلى أن عددًا من نتاج المركز الثقافي منذ بدايته كان لأبي طلال رحمة الله عليه يدٌ طولى وجهود كبيرة خاصة في السنوات الأخيرة؛ حيث الكتب التي صدرت مؤخرًا: "بحوث ودراسات في تاريخ الملك عبدالعزيز" و"في الرثاء وسير المرثيين" و"مؤرخو نجد من أهلها" وأهمها "من سوانح الذكريات" وكلها لحمد الجاسر صدرت بعنايته ومراجعته، كما عبّر عن أسفه البالغ لفقدهم الشبيليّ إنسانًا وصديقًا وزميل عمل وهذا ما فقدته المؤسسة في المقام الأول وأشاد بقدرة الشبيلي على استثمار الوقت مترحمًا عليه ومقدمًا العزاء للجميع ولأسرته بالدرجة الأولى.
من جانبه أشار د. عبدالواحد الحميد إلى أن مؤسسة عبدالرحمن السديري الثقافية تعكف على إصدار كتاب تذكاري جُمعت فيه النصوص والمقالات التي كُتبت عن الدكتور عبدالرحمن الشبيليّ، وسوف تخصص مجلة "الجوبة" التي تصدر عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي ملفًا عن د. عبدالرحمن الشبيليّ، ويعتزم المركز إصدار كتاب عن سيرته الذاتية، وسيتركز على مختلف الجوانب الحياتية والعملية للفقيد.
وقال معالي الأستاذ محمد الشريف في مداخلته: مهما تكلمنا وتحدثنا فلن نستوفي جزءًا من حقه ولن نعوض فقده وبحكم معرفتي به عرفته صديقًا صدوقًا وزميلًا أمينًا مخلصًا وجارًا أنعم به من جار!
وأشار معالي د.أحمد الضبيب أنه يصعب على الإنسان أن يحصر مآثر الشبيلي ولكنه لخصها بكلمة واحدة ووصفه بالرجل "النبيل" وهذا النبل يشمل أشياء كثيرة سواء دماثة الخلق أو حسن المعاملة وما نجده فيه من حسن ترتيب الوقت، والكتابة بشكل هادئ وجميل، مشيدًا برحابة صدره وتقبّله للنقد مما يثبت قوة علمه.
واختتم الندوة د. عبدالعزيز الخراشيّ الذي صرّح باعتزام مركز حمد الجاسر الثقافي منذ الساعات الأولى لفقد حبيبنا أبي طلال في إصدار كتاب يضم احتفاءً بما قيل عنه إبّان حياته ومنها ما نشرته الخميسية في عددها الخاص الصادر عن مركز حمد الجاسر الثقافي، وهذا قليل في حقه وبما أفضل به على مؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية، ونوه إلى أن المركز قد بدأ بجمع مادته إبان حياته والمراثي التي قيلت بعد وفاته رحمه الله،و يلحق بها بعض الصور التذكارية للفقيد الذي قضى أوقاته في أروقة هذه الدارة وما زال عبقه ساريًا مثل عبق شيخنا علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر.
كما فُتح المجال لمشاركات الجانب النسائي وتحدثت كلٌ من الدكتورة هيا السمهري والأستاذة فاطمة عثمان القاضي والإعلامية ميسون أبوبكر، وتركزت المداخلات على سمات الفقيد رحمه الله ومسيرته الإعلامية الرائدة التي أصبحت مدرسة ينهل منها الإعلاميون.
رحم الله أبا طلال فقد طابت سريرته وحسنت سيرته.