الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وشمال غرب الجزيرة العربية
قدّم الدكتور مطلق بن صيّاح البلوي عرضًا تاريخيًا عن شمال غرب الجزيرة العربية، وما شهدته من أحداث أعقاب الحرب الكونية الأولى في الجزيرة العربية وشمالها الغربي، ودور الملك عبدالعزيز في ضم شمال غرب الجزيرة إلى دولته الفتية الناشئة في وقتٍ عصيب، كما قدّم قراءة تحليلية لمسيرة التوحيد التي قام بها الملك المؤسس خلال الفترة من 1344 – 1373هـ، وعوامل نجاحها ودعمه السياسي للحركة السلفية، ودور القبائل والأهالي الإيجابي نحو مشروعه التوحيدي؛ جاء ذلك في محاضرة ألقاها في مجلس حمد الجاسر الثقافي، وأدارها د. ضيف الله بن رازن العتيبيّ يوم السبت 20 جمادى الأولى 1440هـ، الواقع في 26 كانون الثاني (يناير) 2019م.
وقسّم المحاضر مسيرة التوحيد إلى ثلاث فترات: الأولى بدايات التوحيد ما بعد الحرب العالمية الأولى، وكيف كانت أوضاع الجزيرة العربية، وكيف جرى ضم غرب الجزيرة العربية إلى المملكة. والمرحلة الثانية كانت بتثبيت الحكم بعد ضم المنطقة من الفترة 1345 – 1351هـ، وهو إعلان المملكة العربية السعودية، وكانت المرحلة مرحلةَ استقرار وبناء إلى وفاة الملك عبدالعزيز.
وأشار إلى أنه بعد الحرب العالمية الأولى وخروج الدولة العثمانية ظهرت إمارات في شمال الجزيرة العربية؛ هي: إمارة مكة في الحجاز، وإمارة حائل والجوف في الشمال الشرقي. وكانت فترة حرجة لوجود الاضطرابات، خاصةً مع وجود المحتل البريطاني في شمالها الغربي ودوره غير المباشر في ممكلة الحجاز ووجوده بوصفه محتلاً في فلسطين وشرق الأردن والعراق، مما جعل الملك عبدالعزيز يعزم على إنهاء تلك الاضطرابات وضم الحجاز، ومن ثمّ حائل في 1340هـ ،ثم تحرك إلى الجوف، وبدأت القبائل العربية من حائل والجوف تتوافد لمساندة الملك عبدالعزيز، وكان هناك دور كبير للأهالي في دعم الجيش السعودي، واكتمل ضم شمال غرب الجزيرة العربية 1440هـ قبل ضم آخر منطقة في الحجاز وهي جدّة، وفي الوقت ذاته وضعت السلطات البريطانية ممالك هاشمية في العراق وشرق الأردن.
وأشار إلى أن التدخل البريطاني الخفي في شرق الأردن حاول زعزعة الأمن والاستقرار في شمال غرب الجزيرة، مع ظهور حركة الإخوان التي أُسقطت، وحركة سالم بن الفادة ذي الطموح الشخصي الذي كان مدعومًا من إمارة شرق الأردن ومن الإنجليز بطريقة غير مباشرة، وجرى إخمادها أيضًا، وتم تثبيت الحكم وترسيخه. وكان هناك دور إيجابي للإهالي وشيوخ القبائل للتصدي لتلك الحركات، ثم قام الملك عبدالعزيز وأعلن المملكة العربية السعودية في 1351هـ ستبمبر 1931م، وتم تعيين الأمراء والحاميات ومحطات اللاسلكي والقلاع، وأسس المدارس.
وأكد المحاضر بأن شمال غرب الجزيرة العربية ما بعد التوحيد شهد أحداثًا كبيرة، وقد أدرك الملك عبدالعزيز أهمية هذه المنطقة في فترة الاحتلال الصهيوني لفلسطين وتماس شمال غرب الجزيرة العربية مع فلسطين المحتلة والحرب العربية التي دارت بين العرب وبين اليهود، وما نتج عن ذلك من طلب الرئاسة المصرية من الملك عبدالعزيز السماح باستخدام جزيرتي صنافر وتيران للجيش المصري في حربه مع الجيش الصهيوني، خاصة بعد الهدنة عندما قام الجيش الصهيوني باحتلال منطقةأم رشاش في وقت الهدنة وتأسيس ما يسمى ميناء إيلات، لذلك كانت حاجة مصر الاستراتيجية لهاتين المدينتين مهمة لمواجهة العدو الصهيوني.
وفي الختام أشار المحاضر إلى الجهود العظيمة التي قدمها الملك عبدالعزيز في تثبيت الحكم، وأن هذه المسيرة لم تكن سهلة، وبين أنه ينبغي على الجليل الجديد أن يعي هذه الجهود ليعرف قيمة بلده ووطنه والتضحيات التي قُدمت لتوحيده.
وفي ختام المحاضرة أتيحت المداخلات للحضور، حيث أشار اللواء المتقاعد عبدالله السعدون، الذي كان في تبوك في عمله في القوات الجويّة سابقًا، أن الملك عبدالعزيز ثبت الحكم في الجنوب بترسيخ الأمن ونشر التنمية، وإنشاء المدارس وترسيخ الأمن.
وتساءل الدكتور عز الدين موسى: لماذا الحرص على هذه المنطقة بالذات، وكيف ضُمت، ولماذا الحرص عليها دون غيرها وربطها بالسيرة النبوية حيث لم يذهب الرسول صلى الله عليه وسلم شمالاً شرقيًا، بل ذهب نحو الشمال الغربي.
أما الدكتور عبدالرحمن الشبيلي: فذكر أن انضمام منطقة شمال غرب الجزيرة العربية إلى هذه الدولة كان سلسلاً إلى أبعد الحدود، فلا تُذكر معارك حربية بارزة جرت من أجل هذه العملية إذا جاز هذا التعبير، والنقطة الثانية أن الكتابات التاريخية التي كُتبت في تاريخ شمال غرب الجزيرة العربية لم تكن على مستوى أهمية هذه المنطقة ولا بأهمية السلاسلة التي كانت في هذا الانضمام.