د. محمد الزير يتحدث عن القصص في الحديث النبوي

أشار الأستاذ الدكتور محمد الزير إلى أن الحديث النبوي جاء زاخرًا بالنصوص القصصية الكثيرة، مما تمتلئ به كتب الأحاديث التي تحتل مساحة واسعة في المكتبة العربية الإسلامية، وأكد أن دراسة العنصر القصصي في الحديث النبوي مهمة جدًا لأكثر من ناحية؛ فمن جهة تخدم أدبنا العربي، وتؤكد أصالة هذا العنصر في الأدب، وتتمثَّل في نصوص عربية أصيلة، ومن جهة أخرى تمثل القمة الفنية الثانية بعد القرآن الكريم، كما أنها نصوص حظيت بعناية كبيرة من جهة التوثيق والتحقيق، وهي عناية ستظل ذروة لا تُطاول. واستعرض عددًا من القصص التي درسها على ما ورد في دواوين الحديث التسعة الكبرى، وجمع منها 139 نصًا قصصيًا أخضعها للدرس والتحليل. جاء ذلك في محاضرة بعنوان: القصص في الحديث النبويّ، ألقاها في مجلس حمد الجاسر يوم السبت 26 شعبان 1439هـ الموافق 12 أيار "مايو" 2018م، وأدارها د. عبدالعزيز الخراشي. وقد سلط المحاضر الضوء على أهمية نصوص القصة النبوية من الناحية الأدبية الحضارية، مؤكدًا أن قيمتها تبدو من ناحية أنها تمثل لونًا من ألوان النثر الفني الممتع الجميل، الذي جاء معبرًا عن فكرته في ألفاظ سهلة ميسرة، وأنه لون جَدَّ بعد الإسلام، وجاء متحرراً من منهج النثر الجاهلي الذي كان يخضع لسيطرة سجع الكهان، بما كان عليه من غموض وإبهام، وهي بذا تضيف رصيدًا جديدًا إلى عطاء العهد الإسلامي في المجال الأدبي، ثم إنها تتقدم خطوة أوسع من حيث أهميتها الفنية، حين جاءت في لون قصصي حافل بالعناصر القصصية العامة لهذا الفن، يمثل فترة زمانية متقدمة جدًا مما يدل على أصالة العنصر القصصي في الأدب العربي؛ ومن ناحية أخرى فهي محتوى رائع لتجارب قصصية متنوعة في مختلف المجالات، وهي بهذا ذخيرة حية تعطي فرصة كبيرة جدًا للأدباء والفنانيين لأن يستفيدوا منها، وتفتح لهم آفاقًا واسعة، بعيدة المدى في أعماق التاريخ والحضارة والوجود الإنساني والكوني في الماضي والمستقبل، وتتيح لهم بكل ذلك أن يضيفوا إلى تجاربهم تجارب أخرى يمكن أن يعبِّروا عنها بشتى طرائقهم الفنية التي وصل إليها الفن البشري في مجال الأعمال الأدبية والقصصية بشكل خاص، الذي أتيح له في الوقت الحاضر وسائل كثيرة يستطيع بها إثراء التجربة القصية وتعميقها. وأكد الدكتور الزير أن هذه القصص تبدو قيمتها الحضارية في أنها تعبر عن صورة الحضارة التي يجب أن ينشدها الإنسان، وهي أن يمارس حياته وفقاً للنظام الذي أودعه الله في هذا الكون من التوازن والانسجام والاعتدال، وذلك بأن يعيش الإنسان حياته بجوانبها المادية والمعنوية (الروحية). ومجموعة القصص النبوي تفيض بالعطاء الخير للإنسانية في مجالها الحضاري، لتحيا في توازن وسمو، وفي سعادة واستقرار، وفي انطلاق نحو البناء في ظل الحق والخير والجمال. وقال: إن الإنسانية في حاجة إلى مثل هذه القصص التي هي نور من نور الله، تواجه قوى الشر التي تحاول أن تبعد الإنسانية عن فطرتها وإيمانها بما تقدمه تلك القوى من ألوان الأدب النابع من تصورات منحرفة مشوهة. وأوضح أن هذه النصوص لا تزال تحتاج إلى وقفات، من أجل تعمق أكثر في شتى الجزئيات والدقائق. ونظرًا لأن هذه النصوص من الكثرة والتنوع بمكان، فقد كان الغرض الأول المحدد هو محاولة استيعاب الصورة في كلياتها لا في تفاصيلها الدقيقة، مؤكدًا أن النصوص لا تزال حافلة بشتى الجوانب التي يمكن أن تكون موضع دراسة ومناقشة واستكشاف؛ وفي ختام المحاضرة فُتح المجال للأسئلة والمداخلات التي تفضل بالرد عليها.