اللغة أخطر الأدوات التي تشكّل حياة الفرد والمجتمع

طالب الأستاذ الدكتور عبدالله المفلح بضبط النصوص الأدبية المقررة لدى الناشئة لتربيتهم على سلوكيات وأخلاقيات تتواكب مع مستقبلهم، مشيرًا إلى أن لكل شخصٍ بصمتَه اللغوية التي تحمل ما ورائها من الاقتناعات والأفكار؛ منها ما يرفع الشخصية ومنها ما يقضي عليها، جاء ذلك في محاضرة ألقاها في مجلس حمد الجاسر بعنوان: سُلْطة اللغة، وأدارها د. حسن الفيفيّ يوم السبت 14 رجب 1439هـ، الموافق 31 آذار (مارس) 2018م. وقال: إذا كانت المهمة الأساسية للإعلام أن يقوم بعملياته الثلاث في توجيه الجمهور: «يشكك، ينزع، يزرع»، فإن بناء الخطاب بمفهومه وإجراءاته التي طرحها المحاضر تعد أداة فاعلة في الزرع الذي يُريد الإعلام تنفيذه في عقول المستهدفين. وأراد المحاضر الدفع بالاتجاه نحو رؤية لغوية لإحداث التغيير في الإنسان عن طريق توظيف اللغة أداةً للتغير والتطوير، وقال: إنَّ اللغة من أخطر الأدوات التي تشكل حياة الفرد والمجتمع، وقد نشر كتاباً في هذا الصدد، مشيرًا إلى أن هذا الجانب بإجراءاته التطبيقية التي اقترحها يهم جميع المهتمين بتحليل شخصية الفرد والمجتمع على اختلاف شرائحهم وأهدافهم كالتربويين والخطباء والإداريين، وكذلك المهتمين بشؤون المجتمع وتطويره؛ كالإعلاميين والكُتَّاب. ثم وقف عند مفهوم الخطاب، وعرّفه بأنه جزء أو وحدة لسانية متكونة من جمل متعاقبة، وهو كلامٌ مرتب مفيد، وذكر أن له أكثر من تعريف. ويمكن أن نطرح مكونات الخطاب ونقسمها على ثلاثة أقسام رئيسة؛ وهي: - المحتوى؛ أي العناصر والمضامين التي تضم القيم والاقتناعات والمفاهيم والافتراضات والمعارف). - النواقل التي نقلت هذا المحتوى للناس؛ وهي قسمان: اللغة، وتضم المفردات والتراكيب بكل أبعادها، وكل ما يدخل عليها من تغيير وكل ما نعرفه في قضايا اللغة، والثاني المرئيات والأشكال إن وُجدت. - أدوات التأثير الثانوية من نبرة الصوت ولغة الجسد وكل ما يحدث من تصرفات من الشخص وهو يتحدث أمام الناس. وقال: إن تصارعت أدوات التأثير الانفعالية مع الللغة في الجانب الانفعالي، فإن هذه الأدوات (أي النقل) هي التي تنتصر في البداية، فنبرة الصوت أقوى من الكلمة من حيث معناها اللغوي. وذكر أن من عناصر تحليل الخطاب التي قسمها إلى عناصر لغوية: «الاتساق والانسجام والسياق النصي»، وعناصر مضمونية، هي القيم الخاصة، وهي حالة شعورية ثابتة في اللاوعي، يفرضها الشخص على نفسه من مصادر خارجية. وأشار إلى أن الاقتناعات جزء من العناصر المضمونية، وهي تعميمات وأحكام يراها صاحبها صحيحة لحظة نطقه بها. وقال الدكتور المفلح: إن علاقة الجانب المعرفي والإدراكي والانفعالي باللغة وموقف الإنسان من العناصر اللغوية عموماً يكون نتيجة لتفاعل المعرفي والإدراكي والانفعالي ويرى أن عدم القدرة على التخلص من التلازم العاطفي بين اللغة والفكر تبرز جليًا عند العرب الدارسين باللغة الإنجليزية في مدى تأثير المصطلحات والألفاظ في التلقّي. وأكد بأن اللغة خطيرة، وهناك أمران يكشفان درجة خطورة اللغة في تكوين الإنسان ولم يُعطيا اهتماماً من قبل التربويين واللغوين، وهما: كمية الدخل اللغوي في مرحلة الطفولة خاصة، ونوع ذلك الدخل، وهو يؤثر بشكل كبير على مهارات وطريقة تفكير الشخصية وصنعها. وفي الختام أشار المحاضر إلى أن بناء الخطاب هو المرحلة التي تأتي بعد تحليله لتحديد العناصر التي يجب أن تكون موجودة فيه؛ إما بإعادة بنائه من جديد أو ترميمه، ثم تحديد ما سماه اللغة الواجهة بمفرداتها وعباراتها وأساليبها في النص. وقال إن إجراءات تحليل الخطاب وإعادة بنائه تقوم على فرضية أن نواقل الخطاب تحمل مكونات الخطاب إلى المتلقي؛ ومنها القيم والاقتناعات والمفاهيم والافتراضات، وأن أسهل طرق التغيير يكمن في نواقله ليعكس التغيير في المكونات.