الدكتور صالح الشثري يتحدث عن صناعة البيئة اللغوية

تحدَّث الدكتور صالح الشِّثْري -أستاذ اللغة العربية في كلِّية الملك خالد العسكرية- عن صناعة البيئة اللغوية ومفهومها اللغوي والاصطلاحي المعاصِر وأنواعها والاستراتيجيَّات في تكوين بيئة لغوية جيدة، واستعرض تجربة البيئة اللغوية خارج الوطن العربي، وركَّز على واقع البيئة اللغوية في تعامُل المجتمع السعودي مع غير الناطقين بها، جاء ذلك في محاضرةٍ بعنوان (صناعة البيئة اللغوية) ألقاها في مجلس حمد الجاسر يوم السبت 25 رجب 1438هـ الموافق 22 نيسان (أبريل) 2017م وأدارها الدكتور صالح الغامدي. وأشار الشِّثْري إلى أنَّ موضوع صناعة البيئة اللغوية واسعٌ ومتشعِّب، وله علاقات وصِلات ثقافية وتعليمية واجتماعية مختلفة، كما أنَّ له أثرًا كبيرًا في بناء هُويَّة الأمَّة، فمفهوم اللغة الواسع أنها حياة الأمَّة، وصناعة البيئة تُعَدُّ رابع أركان العملية التعليمية بعد الطالب والمعلِّم والمادَّة العلميَّة. ثم دلف إلى تعريف البيئة لغةً واصطلاحاً، مستخلِصاً تعريفاً علمياً لمفهومها بأنه إجمالي الأشياء المحيطة بالكائن الحي والمؤثِّرة في حياته، متضمِّنةً الهواء والماء والتربة والمعادن والمناخ والكائنات أنفسهم، ووصفها بأنها مجموعة من الأنظمة المتشابك بعضُها مع بعضها لدرجة التعقيد، والتي تؤثِّر وتحدِّد بقاء الإنسان في هذا العالم، وتتعامل وفق نظام دقيق متوازن ومتكامل يُعبَّر عنه بالمنظومة البيئية. ثم تحدَّث عن أنواع البيئة اللغوية، فمنها البيئة الطبيعية وهي الناطقة باللغة في أصلها، والتي لها دَوْر فعَّال في تعليم اللغة، ومنها البيئة اللغوية الاصطناعية التي قد تكون داخل قاعات الدَّرْس. وأوضح استراتيجيَّات وسُبُل تكوين بيئة لغوية جيِّدة لتعليم اللغة لغير الناطقين بها، ومنها إيجاد متكلِّمين أصليِّيْن باللغة، والإقامة الدائمة داخل المؤسَّسة التعليمية، وحَصْر الحديث باللغة العربية ووَضْع ضوابط لذلك، ونَشْر الإعلانات المكتوبة والتوجيهات المسموعة باللغة العربية، وتعويد الطلاب على القراءة وتوفير المواد المقروءة والكتب باللغة العربية، وتعويد الطلاب على الاستماع على البرامج الإذاعية والمحاضرات باللغة العربية، وتخصيص أنشطة للتواصُل بين المتعلِّمين والمجتمع المتحدِّث باللغة العربية. وأشار إلى أنَّ العوامل المساعِدة في نجاح البيئة اللغوية تكمُن في الاختيار الدقيق للمقرَّر الدراسي، والوسائل التعليمية، واختيار المعلم الكفء، وتقويم المعلم، ومراعاة الجودة في إدارة المعهد، واستخدام العربية الفُصْحى في التدريس والحياة العامَّة. ثم تحدَّث عن عوائق تكوين البيئة اللغوية، ومنها عدم وجود ناطقين أصليِّيْن بالعربية الفُصْحى، وصعوبة وجود متكلِّم بالعربية في كثيرٍ من المجتمعات، وضَعْف تصوُّر أهمِّية البيئة في تعليم المهارات عند كثيرٍ من القائمين على تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وعدم وجود إطار نظري محدَّد ودقيق يتضمَّن مواصفات تكوين البيئة. واستعرض في ختام محاضرته نماذج لصناعة البيئة اللغوية خارج الوطن العربي، مشيرًا إلى نجاح التجربة الأندونيسية وتفوُّقها على التجربة الماليزية. وفُتح المجال في ختام المحاضرة للمداخَلات والأسئلة التي أَثْرَت الموضوع.