الوضع الإنساني في اليمن ودور مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية
ألقى معالي الأستاذ عبدالرقيب فتح -وزير الإدارة المحلِّية رئيس اللجنة العُليا للإغاثة- محاضرة في مجلس حمد الجاسر عن "الوضع الإنساني في اليمن"، وذلك يوم السبت 25 جمادى الأولى 1437هـ الموافق 5 آذار (مارس) 2016م، افتتحها بتوصيف دقيق للحُكْم المركزي في عهد المخلوع صالح منذ بدايته في 1978م مرورًا بالوحدة اليمنية، ومستعرضًا التغيُّرات المستجدَّات في الساحة اليمنية خلال التسعينيات حتى انطلاق شرارة ثورة التغيير في فبراير 2011م، التي تكلَّلت بإزاحة المخلوع وعائلته من الـحُكْم، وذكرَ كيف حاول صالح والحوثي الانقلاب على المبادرة الخليجية ومُخرَجات الحوار الوطني، وأسباب رفضهم مشروع النظام الاتحادي الذي يحقِّق العدالة في توزيع الثروات، وكيف نفَّذت الميليشيات الانقلاب وتسهيل الحرس العائلي تلك المهمة لها ومُحاصَرة الحكومة ووَضْعها تحت الإقامة الجبرية، واقتحام منزل الرئيس، ثم غَزْو الميليشيات لمختلف المدن بعد سقوط صنعاء، وانطلاق (عاصفة الحزم) الذي أنقذت الشعب اليمني، مستعرضًا الوضع الإنساني بالأرقام وفق دراسات ميدانية، وحَجْم المآسي التي سبَّبتها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في حربها وحصارها المدن، ودَوْر مركز الملك سلمان و(الأهلَّة) الخليجية في إغاثة الشعب اليمني. وقد أدار المحاضرة سعادة الدكتور عادل عبدالرزاق الشرجبي.
وأشار المحاضر إلى أنَّ اليمن أصبح يعاني من حالة حرب وحصار تفرضه ميليشيات الحوثي المسلَّحة وقوات المخلوع علي صالح الخارجة عن القانون والمتمرِّدة على الشرعية، ما أدَّى إلى فَرْض واقع مأساوي في معظم محافظات اليمن، يتمثَّل في نقص حاد في المواد الغذائية والصحية وانقطاع مستمر للكهرباء والمياه، وارتفاع حاد في الأسعار، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل، وكذا تزايُد عدد النازحين، وازدياد الاحتياجات الإنسانية بصورة عامة.
واستعرض دراساتٍ ومسوحاً ميدانية تُظهِر حجم الاحتياجات الإنسانية، مبيِّنًا أنَّ عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية نحو 21.2 مليون شخص، وأنَّ عدد الذين يعيشون في المناطق المتضرِّرة نحو 12.4 مليون شخص، كما بلغ عدد النازحين 2.3 مليون شخص، (52%) منهم من الإناث، ونصفهم في محافظات تعزّ وحجة والضالع، وبلغ عدد طالبي اللجوء 273 ألف شخص، كما بلغ عدد المهاجرين المستضعَفين 182 ألف شخص، وقال إنَّ نحو 14,4 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك 7,6 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، ونحو 3 ملايين يعانون من سوء التغذية، بما في ذلك الأطفال والنساء والحوامل والمرضعات، ونحو 19,3 مليون شخص يفتقرون إلى إمكانية الوصول الكافي إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، ونحو 14,1 مليون شخص لا يستطيعون الحصول على رعاية صحية كافية، ونحو 2,8 مليون شخص بحاجة إلى مأوى ومواد غير غذائية، ونحو 14,1 مليون شخص بحاجة إلى الحماية.
ثم استعرض مقتَرَحات مؤتمر الدوحة الذي أُقيم خلال الفترة من 22-24 شباط (فبراير) 2016م في عدد من المجالات الإغاثية، كالحماية والصحة والتعليم والمياه الصالحة للشرب والغذاء والمأوى.. وغيرها من سُبُل العيش.
كما تحدَّث عن الاتجاهات المقتَرَحة للإغاثة الإنسانية وفقًا لرؤية اللجنة العُليا للإغاثة، من إعداد خطة مشتركة ومكتب لتنسيق كلِّ الجهود، والإغاثة العاجلة، والتنمية المحلِّية.
ثم فصَّلَ في دور مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وأهدافه وإنجازاته، ومنها مَكرُمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للأعمال الإغاثية في اليمن بمبلغ وقَدْرُه 274 مليون دولار يتولى إدارتَها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ويتم التنفيذ عبر منظَّمات الأمم المتحدة؛ وكذلك جهود المركز في نقل العالقين، وتوزيع السِّلَل الغذائية والسعي لتحقيق الأمن الغذائي، وتجهيز مستشفيات في عدن وتعز، وقد نُقِلَ العديد من المساعدات عبر جسر جوي إلى عدن، ووصل العديد من الشاحنات إلى الميناء منذ تحرير عدن، بالإضافة إلى الإنزال الجوي للمساعدات في تعزّ.
وشكر جميع (الأهلَّة) الخليجية الإماراتية والقطرية والكويتية والبحرينية، وجميع الجمعيات والمنظَّمات التي تقدِّم المساعدات للشعب اليمني، وانتقد قُصُور منظَّمات الأمم المتحدة وتقاعُسها عن القيام بدورها الإنساني في المناطق المحاصَرة.
كما استعرض الدكتور عادل عبدالرزاق الشرجبي إحصاءات للمساعدات المقدَّمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وفي مقدِّمتها ما يخصُّ الأمن الغذائي من الفترة 27/7/2015م إلى 10/2/2016م، بإجمالي 198.108.429 مليون دولار، منها سفينة درب الخير، ودعم الأمن الغذائي في المحافظات، ومشروع الإغاثة من آثار إعصار (تشابلا) و(ميغ)، وجسر جوي من 16 طائرة إغاثية، والإسهام في مشروع نداء الأمم المتَّحدة العاجل.
وتحدَّث عن المساعدات الطبية التي بلغ إجمالي قيمتها 89.673.236 مليون دولار، والتي تمثَّلت في الإغاثة الطبية والإنسانية للعالقين واللاجئين اليمنيين في جيبوتي، ورعاية الأطفال والأمهات للاجئين اليمنيين في جيبوتي أيضًا، والدعم الطبي للمنشآت الصحِّية، وإنشاء عيادات، وبرنامج الجرحى اليمنيين ومُرافقيهم داخل السعودية، وبرنامج الجرحى اليمنيين ومُرافقيهم في المملكة الأردنية الهاشمية والسودان، وتهيئة مستشفى مأرب العام، وتهيئة المستشفى الجمهوري بعدن، واعتماد دعم مستشفى الثورة بتعزّ بالأوكسجين، ومشروع تقديم الخدمات الطارئة والمياه والتعقيم والصرف الصحي للنازحين.
ثم تحدَّث عن المساعدات الإنسانية بتكلفة 52.675.129 دولار التي قُدِّمت لتعزيز الخدمات المنقِذة للحياة والمتعدِّدة القطاعات، وانتقد في نهاية محاضرته أيضاً القُصُور في أداء منظَّمات الأمم المتحدة واعتمادها على شركاء توزيع يتبعون ميليشيا الحوثي والمخلوع، مُشيدًا بدور مركز الملك سلمان الذي أصبح يقدِّم عملاً يسمو فوق مصافِّ المنظَّمات الإنسانية العالمية، وأثنى على كادره الإداري المتمكِّن الذي يعمل وفق مهنية عالية دون كلل أو ملل، مقترحاً تخصيص ندوة تبرز فيها كافة جهود مركز الملك سلمان الإنسانية التي تجاوز بها مصاف المنظمات العالمية.