د. الدخيل في مجلس حمد الجاسر: عاصفة الحزم ستعيد رسم توازن القوى في المنطقة

أشار الدكتور خالد الدخيل إلى أنَّ عنصر المفاجأة كان العلامة البارزة لعاصفة الحزم، فقد فاجأت الجميعَ لأنها أوَّل حرب بقرار سعودي خليجي عربي منذ عام 1973م، فهي أول قرار بدخول الحرب بصفة عربية خالصة دون مشاركة غربية. وتحدَّث عن أهداف العاصفة، والبدايات الأولى للتخطيط لها، والفرق بينها وبين عاصفة الصحراء. جاء ذلك في محاضرةٍ ألقاها في مجلس حمد الجاسر يوم السبت 29 جمادى الآخرة 1436هـ، وأدارها الدكتور عبدالله الشمَّري. وتحدَّث الـمُحاضِر عن بدء انتشار النفوذ الإيراني في المنطقة العربية ولاسيَّما في العراق الذي كان يمثِّل توازن قُوى مع إيران، وذلك بعد ضعف الدولة العراقية إبان الغزو الأمريكي عام 2003م، وكانت النتيجة سيطرة إيران على العراق بالإضافة إلى لبنان وسوريا على الرغم من أنَّ الأخيرتين كانتا الأكثر عروبةً بالنظر لـحُكْم حزب البعث العربي القومي، وقال إنَّ السؤال الأهم خليجياً هو: لماذا سلَّمت الولايات المتحدة الأمريكية العراق لإيران؟! وفي معرض ردِّه على خطاب حسن نصر الله أشار د. الدخيل إلى أنَّ العاصفة جاءت من أجل حماية عروبة اليمن من النفوذ الإيراني، لا من أجل محاربة اليمن كما ادَّعى نصر الله في خطابه الذي قال فيه إنَّ العاصفة عدوان على اليمن! وأشار الـمُحاضر إلى ما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية من أنَّ التفكير بموضوع البدء في العاصفة بدأ في صيف عام 2014م، قائلاً إنَّها معلومة معقولة؛ إذ لا يمكن التخطيط لعملية عسكرية بهذا الحجم دون تحضير مُسبَق، إلا أنَّه ذكَّر بأنَّ عاصفة الحزم لم تبدأ إلا بعد طلب الرئيس اليمني وبعد أن عاث الحوثيون فساداً منذ بداية سيطرتهم على دماج وعمران وصنعاء في سبتمبر 2014م ثمَّ توسُّعهم في المحافظات الأخرى، وبعد أن عرفهم الناس على حقيقتهم. وأكَّد على أنَّ العاصفة مُوجَّهة عسكريًّا ضدَّ الحوثيين، وسياسيًّا واستراتيجيًّا ضد إيران، والهدف هو مَنْع إيران من أن تكون طرفاً وازنًا في تَوَازُنات القُوى في الجزيرة والخليج، فإيران لا تستخدم أسلوب المواجهة المباشرة، بل توظِّف العامل المذهبي في تكوين ميليشيات تزرع القلاقل في المنطقة، وتبدأ بالتغلغل عبرها وتوفِّر لها التمويل والعتاد العسكري، ومن ثَمَّ فإنَّ هذه الحرب ستُعيد رسم خارطة توازُن القُوى في المنطقة، فقد قرَّرت قَطْع الطريق على إيران قبل أن تخنق السعودية، مذكِّرًا بأنَّ الخطأ الاستراتيجي للإمام عبدالله بن سعود كان الانتظار حتى وصل الجيش التركي- المصري فدمَّر الدولة عام 1818م. وأكَّد أن عاصفة الحزم أثبتت أهمِّية وجود القدرات العسكرية للدولة، وأنَّ القوَّة تتعزَّز بوجود الإرادة السياسية التي توظِّف هذه القوَّة العسكرية لحماية أمنها الوطني، والدولة التي لا تملك قوَّة عسكرية ضاربة تُعَدُّ دولة ناقصة. وعن الفرق بين عاصفة الصحراء في عام 1991م وعاصفة الحزم في عام 2015م قال إنَّ عاصفة الصحراء جاءت بقرار أمريكي، بينما جاءت عاصفة الحزم بقرار سعودي وقيادة سعودية، وأكَّد أنَّ العاصفة ستعزِّز قوَّة السعودية؛ إذ إنَّ مصر لا تزال تحاول النهوض بدعم سعودي، وعندما تعود مصر لقوَّتها سيكون ذلك تثبيتًا لأحد أهم أطراف العالم العربي. واستعرض الـمُحاضر أهداف العاصفة الأربعة والخامس غير الـمُعلَن؛ إذ يأتي في مقدِّمة الأهداف: عودة الشرعية؛ وإيقاف تمدُّد الحوثيين؛ وعودة الأطراف للحوار بما فيهم الحوثيون؛ ونزع سلاح الحوثيين، والخامس غير الـمُعلَن هو قَطْع الطريق أمام تنظيم القاعدة. وأكَّد على وجوب نَزْع سلاح الحوثيين؛ لأنَّ السلاح حق حصري للدولة، ولنجاح الحوار يجب أن تكون الأطراف المتحاورة منزوعة السلاح، فلا يمكن إجراء حوار سياسي بين أطراف بينما يقوم طرف بفرض إملاءاته بالقوَّة، كما أنَّ من أهداف العاصفة منع استنساخ تجربة حزب الله الميليشيا المسلَّحة التي تفرض إملاءاتها على الدولة. وأوضح أنَّ قرار مجلس الأمن الأخير جاء ليُعطي شرعية لقيادة تحالُف عاصفة الحزم، وقد عُزل صالح دولياً، وإن ثبتت جدِّية فكِّ ارتباطه مع الحوثيين فإنه يجب أن يُستفاد منها تكتيكياً إذ إنه ليس لديه الرؤساء الذين كان يستنجد بهم في السابق مثل صدَّام والقذَّافي وبشَّار. وأكَّد على أهمِّية دَوْر القبائل في الحسم؛ وعلى أنه لا توجد أي أطماع جغرافية ولا أجندة سعودية خفيَّة في اليمن . وفي الختام قدَّم خارطة طريق مُقتَرَحة لعاصفة الحزم بإنشاء قوَّة عربية مُشتَرَكة تحت قيادة قوَّات التحالُف، تكون مهمَّاتها تجميع السلاح غير المرخَّص في اليمن، وإعادة تأهيل الجيش اليمني وفق الولاء الوطني، وحماية العملية السياسية من التدخُّلات الخارجية.