الأقمار الصناعية ودورها في حياة الإنسان

تحدث الأستاذ الدكتور حسن بيلانيّ عن أهمية الأقمار الصناعية في حياة الإنسان، حيث أصبحت مرتبطة ارتباطًا كليًّا في حياتنا مع التطور التكنولوجي المتسارع، مستعرضًا بالصور والفيديوهات بداية نشأة الأقمار الصناعية وتطورها وأنواعها وفوائدها. جاء ذلك في محاضرة ألقاها في دارة العرب بعنوان: (الأقمار الصناعية ودورها في حياة الإنسان) وأدارها أ.د.إبراهيم الحمّاد، يوم السبت 1 شعبان 1440هـ، الواقع في 6 نيسان (أبريل) 2019م. وأوضح المحاضر بأن الاتحاد السوفيتي بدأ بصناعة أول قمر صناعي عام 1957م، تلاه القمر الصناعي الأمريكي عام 1958م، ثم توالت الدول التي تطلق الأقمار الصناعية، فشملت أمريكا وروسيا والصين واليابان وفرنسا والهند و(إسرائيل) وأستراليا وبريطانيا وإيران وكوريا الشمالية ووكالة الفضاء الأوروبية، وأما الدول المالكة للأقمار الصناعية، فعددها كبير تصل حسب إحصائية 2016م إلى 75 دولة . وهناك إحصائية عام 2016 بمكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي تفيد بأن هناك 4635 قمرًا صناعيًا يدور حول الأرض حاليًا، وهذه الإحصائية معلنة، ولكنها لا تشمل الأقمار ذات الصفة العسكرية، فهي أقمار سرية، وهناك أقمار صناعية مصغرة (Mini-satellite) تُصنع في معامل ومخابر محدودة، وليست كبيرة يتراوح وزن الواحد منها ما بين 100 كيلو جرام و500 كيلو جرام، ويبدأ التنافس في الحجم، ثم ظهرت أقمار مايكرو ستلايت (Micro-satellite) الذي يترواح وزن القمر الواحد ما بين 10 – 100 كيلو جرام، وهذا يصنع على مستوى مراكز بحثية. ومع تطور التكنلوجيا ظهر النانو ستلايت (Nano-satellite) ، ويتراوح وزنه ما بين 1-10 كيلو جرام، وهو الأكثر انتشارًا حاليًا وصناعته في مراكز بحثية أو الجامعات وطلاب مشاريع تخرج في بعض الجامعات يقومون بصناعته، ثم ظهر ما يسمى بيكو ستلايت (Pico-satellite) ، ويتراوح وزنه ما بين 100 جرام – 1 كيلو جرام، وهو بحجم الكوب، كما ظهر الفيمتو ستلايت (Femto-satellite)، الذي يتراوح وزنه من 10 - 100 جرام، ومع التطور قد يتمكن كل شخص في المستقبل من شراء قمر صناعي مرتبط بشريحة الهاتف النقال؛ لأنه ستصبح هناك ملايين الأقمار الصناعية، ويمكن أ، يتم ربط كل شريحة بقمر صناعي طالما وصلنا إلى هذا الحجم. وقال المحاضر إن وكالة (ناسا) أطلقت 29 قمرًا صناعيًا دفعة واحدة في عام 2013، وتلتها روسيا بأقل من شهر عام 2014، حيث أطلقت 33 قمرًا صناعيًا دفعة واحد، كما أطلقت الهند عام 2017م 104 أقمار صناعية دفعة واحدة. وعن برامج الفضاء العربية قال إن الدول العربية المتصدرة لهذا المجال هي السعودية والإمارات والجزائر ومصر، وتتصدر السعودية الدول العربية في إطلاق الأقمار الصناعية، فقد أطلقت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ما بين عامي 2000 و2017م 13 قمرًا صناعيًا، وتوجت هذه الإطلاقات بآخر قمر صناعي جرى إطلاقه (SGS1) ، وهو أول قمر سعودي للاتصالات، مهمته تأمين اتصالات فضائية ذات سرعات عالية، ولديه قدرة مرورية تتعدى 34 جيجا بت في الثانية، تم إطلاقه عبر صاروح "أريان 5" من مركز غويانا الفرنسي للفضاء. ثم تحدث حسن بيلانيّ عن تصنيف الأقمار الصناعية، معتمدًا على معيارين: الأول: مهمة القمر الصناعي؛ فهناك أقمار صناعية خاصة بالاتصالات والملاحة والأغراض العسكرية ومراقبة الأرض والطقس ..إلخ، وتصنيف آخر حسب مدار القمر الصناعي؛ فهناك مدارات منخفضة والمتوسطة الارتفاع والمتزامن، وقال: إن أبرزها المتزامن (GEO) ارتفاع 35768 كم عن سطح الأرض، حيث يدور هذا القمر بشكل متزامن مع دوران الأرض بحيث يبقى ثابتًا فوق بقعة محددة من الأرض، لذلك يستخدم هذا المدار لأنظمة البث الإذاعي والتلفزيوني، حيث إن كلمة مباشر على شاشة التلفاز تعني قطع مسافة 80000 كم، وهو نفس مدة دوران الأرض حول نفسها 23 ساعة و56 دقيقة و4 ثوانٍ. وقال: إن مدارات القمر الصناعي تعتمد على التغطية المطلوبة، وكلما ارتفع القمر الصناعي نحو الأعلى كلما كانت تغطيته أكبر على حساب الدقة، فالقمر المتزامن يغطي ثلث الأرض، وباعتبار أن مدار التزامن الوحيد المسمى برقم يسمى المدار المزدحم، حيث إن هوائيات المحطات الأرضية موجهة باستمرار إلى النقطة نفسها في السماء. ثم تحدث المحاضر عن مهمات الأقمار الصناعية، ومنها الاستشعار عن بعد، ومراقبة الأرض، ودراسة سطح الأرض عبر التصوير المجسم (الستريوسكوبي) للحصول على مجسم ثلاثي الأبعاد، ويتم وضع خرائط طبوغرافية لسطح الأرض والقمر والكواكب الأخرى، والاستشعار عن بعد لحدوث حرائق أو أعاصير، ومراقبة الأحوال الجوية، ومراقبة مستوى سطح المياه، ورصد الكتل الجليدية التي تتغير بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، ومراقبة تقلص مساحة المحيطات. وأوضح أن المحطة المدارية العالمية، التي تدور على ارتفاع 400 كم عن سطح الأرض، تحتوي على مختبر هائل مخصص للبحث العلمي، وهي محطة دولية تتشارك في البرنامج فيها عدة دول عالمية. وقال المحاضر: إن أهمية الأقمار الصناعية تكمن أيضًا في استخدامها لتوليد الطاقة، حيث تُجمع الطاقة الشمسية من مدارات التزامن، وتبث بترددات كهرومغناطيسية إلى أجهزة استقبال ليتم تحويلها إلى كهرباء، وهي مصدر طاقة كهربائية متجددة متواصل على مدار الساعة بسبب تمركز الأقمار الصناعية في المدارات البعيدة، مما يضمن عدم حجبها بظل الأرض وهذا المشروع يمكن أن يضاعف نظريًا كمية الطاقة الشمسية المجمعة على الأرض. ثم تحدث عن مهام أقمار الاتصالات (Communications Satellites) ، حيث بدأ الاتصال المباشر بين الأبراج، التي من مشاكلها أنها تُنشأ إلى على اليابسة، وحين جاءت فكرة استخدام الأقمار الصناعية للاتصالات شملت اليابسة والماء لزيادة فعالية الاتصالات الإلكترونية، حيث يمكن رؤية القمر الصناعي من منطقة شاسعة من الأرض، وقال: إن شركة الثريا التابعة للإمارات العربية المتحدة، إحدى منتجاتها المحمول الذي يعمل بالأقمار الصناعية، وتوفر خدمة الجوال في أكثر من 110 دول: في أرووبا والشرق الأوسط وشمال ووسط شرق آسيا وأفريقيا وأستراليا، وتعمل بواسطة ثلاثة أقمار موجودة في المدار المتزامن مع الأرض. ومن مهام الأقمار الملاحية (GPS). وهذا أهم تطبيق للأقمار الصناعية، وكان في الأساس نظامًا عسكريًّا، وكانت الفكرة في تحديد الموقع والانتقال إلى موقع آخر، وجرى إطلاق أول قمر GPS عام 1978 واكتملت المنظومة (24 قمرًا) عام 1993م. وهناك نظامان لتحديد المواقع يعملان حاليًا، وهما GPS الأمريكي وGLONASS الروسي، ونظام أوروبي مدني جديد يجري إطلاقه GALILEO، وهو أكثر دقة، وارتفاعه 20100 كم عن سطح الأرض. وقال المحاضر إن فكرة الأقمار الملاحية بسيطة جدًا، ولكن بالمقابل التكنولوجيا معقدة جدًا، فالقمر الصناعي يرسل إشارة كود، ويستقبلها ويولد نفس الكود الذي أرسله القمر الصناعي، ووظيفة المستقبل حساب فارق التأخير بين الإشارتين، التي تصل إلى 0.06 ثاني. وتحدث عن مكوِّنات نظام GPS ومحطات التحكم والمراقبة الموزعة على مستوى العالم، والمحطة الأساسية في أمريكا، وهم المتحكمون بكل النظام، حيث يتم استخدامه في الحروب العسكرية لتحديد المواقع، وتستطيع أمريكا التدخل في تغيير النظام. وتستخدم الأقمار الصناعية في بريطانيا لحراسة مدارس الأطفال، أو لمراقبة المجرمين المفروضة عليهم الإقامة الجبرية، وقال: إن أنظمة "إيتشلون" للتجسس على الاتصالات تستطيع تحليل خمسة ملايين رسالة بريد إلكتروني كل دقيقة، وتحليل 35 مليون صوت عبر الاتصالات كل ساعة بهدف التجسس على شخصيات معينة غالبيتها في مراكز صنع القرار، وبعض الأقمار الصناعية مزودة بأسلحة يمكنها تدمير أقمار صناعية أخرى أو تعطيل أهداف على الكرة الأرضية، كما تستخدم في مجالات الهندسة المساحية. ومن فوائده قياس مناطق يصعب الوصول إليها، وقياس حركة القشرة الأرضية (الصفائح التكتونية)، وتستخدم في الملاحة الجوية للطائرات لتعطيها إشارات دقيقة للهبوط، كما يتم استخدام الأقمار الصناعية لمراقبة محاصيل زراعية، ومراقبة السدود والجسور المعلقة وأبرامج ناطحات السحاب لضمان استقرارها والملاحة البرية. وقال المحاضر إن الفضاء مزدحم بالأقمار الصناعية، وهناك مخلفات للأقمار الصناعية خرجت عن الخدمة، حيث إن هناك أكثر من 13 ألف قمر صناعي تدور حول الارض خارج عن الخدمة، وهذا الحطام مدمر، وهو أكبر خطر على الرحلات الفضائية.