الخبير الاقتصادي د. إحسان بوحليقة يطالب بدعم المنشآت الصغيرة أمام التحديات التي تواجهها

طالب الخبير الاقتصادي د. إحسان بوحليقة خلال محاضرته في مجلس حمد الجاسر بدعم المنشآت الصغيرة وحمايتها من استئثار المنشآت العملاقة وسيطرتها على أنشطة القطاع الخاص، وحث على ربط المنشآت الصغيرة بالنسق الاقتصادي العام بما يمكنها من زيادة حصتها من السوق، وقال بأن نسبة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي 21% والمؤمل أن تصل -وفق رؤية 2030- إلى 35%، وهذا الطموح يتطلب برنامج تنفيذي محكم، لذلك لابد من دفع المنشآت العملاقة للتكامل والترابط مع المنشآت الصغيرة، والاهتمام باحتساب المحتوى المحلي والقيمة المضافة للمنشآت صغيرها وكبيرها، وتعديل نظام المنافسات الحكومية وربطه بالمحتوى المحلي للمنشأة، وإعطاء حوافز نقدية للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة مقابل نجاحها في التصدير بضائعها. جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها يوم السبت 1 جمادى الآخرة 1439هـ بعنوان "المنشآت الصغيرة بين التجزئة والتكامل" وأدارها د. عبدالعزيز داغستاني. وأشار بوحليقة إلى أن التحديات أمام المنشآت السعودية الصغيرة والمتوسطة لا تختلف عنها في النسق العربي؛ حيث تكمن التحديات في ضعف الأطر التشريعية والتنظيمية، مما يؤدي إلى ارتفاع كلفة المشاريع؛ وصعوبات التمويل وعدم توفر أدوات تلائم المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ وصعوبة دخول الأسواق وتكاليف التراخيص تزيد من توسع القطاع بشكل غير رسمي؛ وضعف القدرات الداخلية للمنشآت الصغيرة في التعامل مع المحيط الخارجي. وقال إن الحديث عن المنشأت الصغيرة ذو شجون، وأن الأجندة للنهوض بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة لا متناهية ولكن لتقنين الموضوع فإن وضع المنشات الصغيرة فقد يكفي القول أن وضعها في عالمنا العربي غير مرضي، ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي منخفضة، ونحن في المملكة العربية السعودية لسنا استثناءً عن هذا السياق. وقال إنه بالمقارنة حتى مع الدول العربية إجمالاً، فإن اقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية منخفض، وطالب بإبتداع حلول تمويلية جوهرية للمنشآت الناشئة والريادية والصغيرة، للتخفيف من المخاطر التي يتعرض لها المبتدئون في هذا القطاع، مضيفًا: إن التمويل في الدول العربية من بين الأدنى في العالم وفقاً لدراسة أجراها صندوق النقد العربي خلال العام 2017. مبيناً أن نقص التمويل اشتد خلال السنتين الأخيرتين، حيث تتهيب البنوك من دعم المنشآت الصغيرة خوفاً من المجازفة وغياب الثقة بنجاح تلك المشاريع، مطالباً باستحداث أدوات لدعمها، إذ أن البنوك التجارية غير مؤهلة للقيام بهذه المهمة لأسباب موضوعية، فهي بنوك تجارية وليست تنموية أو صناديق دعم أو صناديق رأس مال جريء. وألمح إلى أن القطاع الخاص تستحوذ عليه بالاجمال شركات عائلية عملاقة في مختلف القطاعات، بما يجعل قضية المنافسة متربصة بالمنشآت حيثما عملت؛ إذ تجد بعض الشركات العائلية متعمقة في قطاعات عدة، هذا يُعد تمركز يحد من دخول المنافسين المبتدئين، ومن ناحية أخرى فإن وفرة رأس المال و"تضبعه" فضلاً عن الخبرة والدراية المتجذرة بالسوق إضافة بالعلاقات المتشعبة يجعلها تطبق على الفرص وبالتالي الأسواق. وضرب مثالاً في شاب يطمح بفتح محل ساعياً للنجاح بقدراته المتواضعة متحدياً كل الصعوبات في أحد الأسواق فيتفاجأ بشركة عملاقة عرف مالكها قصة نجاحه فنافس الشاب بأن افتتح عشرات الفروع مدججة بعمالة وافدة وسعودة وهمية، يفتتحها في أنحاء المملكة أحدها بجوار محل الشاب المتبدئ! لتقضي الشركة العملاقة على مشروع الشاب المواطن، مما يجعل نجاح المشاريع الصغيرة صعب جداً في مواجهة شركات كبيرة تملك وفرة في الموارد. لذا لا أمل في تحقيق مستهدفات الرؤية فيما يتصل بالمنشآت الصغيرة من دون حماية وحضانة وتحصين لهذه المنشآت الصغيرة وتشجيعها ودعمها وتحفيزها حتى تكبر ولا تموت كمداً وصبراً. وقال إن جزءًا من مشاكل المنشآت الصغيرة يكمن في أنَّ كفاءتها ضعيفة، ولابد من وجود جهات تساهم في مساعدتها رفع الكفاءة وتقديم الاستشارات للمنشآت الصغيرة، مشيداً ببرنامج "مراس" الذي يقدم العديد من التسهيلات في سبيل تذليل الصعوبات والتحديات أمام المنشآت الصغيرة، مستعرضاً دراسة ومقارنة للمنشآت الصغيرة في الدول العربية ونسبة الاقتراض من البنوك والذي تتصدره المغرب. وقال إن نسبة السعودة 23% في الخدمات الاجتماعية و25% نقل واتصالات و4 % زراعة و40% مالية وتأمين وخدمات 8% تشييد وبناء و27% تجارة وفنادق و18% صناعات تحويلية، ثم فُتح المجال للمداخلات. ومن جهته أشاد الأستاذ معن الجاسر بالخطة الاقتصادية التي سيظهر أثرها الإيجابي مستقبلاً وطالب بحماية الصناعي من الواردات من المنتجات التي تدخل بطريقة الإغراق، ومنتجات لا يحق للمصنع المحلي أن يصنعها لعدم مطابقتها، وقال بأن الصناعة بشكل عام دورها في الناتج المحلي والاقتصاد أكبر بكثير من أغلب القطاعات لذلك ينبغي أن تكون لها نظرة خاصة، مطالباً بفرض رسوم على المصانع التي تسبب تلوثاً للبيئة. وأكد الخبير الاقتصادي معالي الدكتور ماجد المنيف بأنه لا ينقصنا أنظمة أو هيئات فهي موجودة بل كان ينقصنا في أحيان كثيرة تفعيل تلك الأنظمة والهيئات وهو ما بدأ مؤخراً، وقال بأن تمثيل المنشآت الصغيرة والمتوسطة لدى الجهات الممثلة للقطاع الخاص لدى الحكومة "الغرف التجارية" ضئيل جداً وهذا ملاحظ بآليات الانتخاب والترشح والإقبال فالمنشآت الصغيرة والمتوسطة لا تعتبر تلك الغرف ممثلة لها فكيف يمكن أن نعالج ذلك الخلل و هل ينبغي أن يتم اشتراط كوته في ممثل القطاعات الخاص ليكون صوتها مسموعاً؟ وتفضل المحاضر بالرد على المداخلات والأسئلة في ختام اللقاء.